ساعة ثم التفت إليّ فقال لي : يا أبا القاسم ترى لو وقف هؤلاء هذه المدة الطويلة على باب ملك الروم ما رحمهم؟ فكيف تظن بمن هو أرحم الراحمين؟ وبكى » ا هـ (١).
اشتهر أبو طاهر بالثقة وصحة الضبط وتقوى الله تعالى وإتقانه لقراءة القرآن مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول الحافظ « الذهبي » : « وقد أطنب أبو عمرو الداني » في وصفه وقال : لم يكن بعد « ابن مجاهد » مثل « أبي طاهر » في علمه وفهمه مع صدق لهجته واستقامة طريقته ، قرأ عليه خلق كثير. وكان ينتحل في النحو مذهب الكوفيين وكان بارعا فيه ا هـ (٢).
وقال الامام « الداني » : « سمعت عبد العزيز الفارسي » يقول : « لما توفي ابن مجاهد ، رحمهالله تعالى أجمعوا على أن يقدموا شيخنا « أبا طاهر » فتصدر للإقراء في مجلسه وقصده الأكابر ، فتحلقوا عنده كعقيل بن البصري وكان من جلة أصحاب « ابن مجاهد » وكأبي بكر الجلاء ونظرائهما » ا هـ (٣).
وقال « الخطيب البغدادي » : « كان « أبو طاهر » من أعلم الناس بحروف القرآن ووجوه القراءات وله في ذلك تصانيف عدة » ا هـ (٤).
وقال « القفطي » في تاريخ النحاة : لم ير بعد « ابن مجاهد » في القراءات مثل « أبي طاهر » (٥).
توفي « أبو طاهر » في شوال سنة تسع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أبا طاهر » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
(١) انظر تاريخ بغداد ج ١١ ص ٨.
(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣١٢.
(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣١٢.
(٤) انظر تاريخ بغداد ج ١١ ص ٧.
(٥) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣١٢.