ولقد كان « طلحة بن عبيد الله » من الأسخياء البررة الأوفياء ، والدليل على ذلك الآثار الآتية :
فعن « أبي إسماعيل الترمذي » أن « طلحة » أتاه مال من « حضرموت » سبع مائة ألف ، فبات ليلته يتململ ، فقالت له زوجته : ما لك؟ قال : تفكرت منذ الليلة فقلت : ما ظن رجل بربّه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت : فأين أنت عن بعض أخلائك ، فإذا أصبحت فادع بجفان ، وقصاع فقسّمه فقال لها : رحمك الله إنك موفقة بنت موفق ، وهي : « أم كلثوم بنت الصديق » رضياللهعنهما : فلما أصبح دعا بجفان فقسّمها بين المهاجرين والأنصار.
وعن « علي بن زيد » قال : جاء أعرابي إلى « طلحة » يسأله ، فتقرب إليه برحم ، فقال : إن هذه لرحم ما سألني بها أحد قبلك ، إنّ لي أرضا قد أعطاني بها « عثمان » ثلاث مائة ألف فاقبضها ، وإن شئت بعتها من « عثمان » ودفعت إليك الثمن ، فقال : الثمن ، فأعطاه ا هـ.
وعن « سعدى » بنت عوف المريّة قالت : دخلت على « طلحة » يوما وهو خائر ، فقلت : ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال : لا والله ، ونعم حليلة المسلم ، ولكن مال عندي قد غمني ، فقلت : ما يغمّك؟ عليك بقومك ، قال : يا غلام ادع لي قومي فقسمه فيهم ، فسألت الخازن : كم أعطى؟ قال : أربع مائة ألف.
قتل « طلحة » في موقعة « الجمل » سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وهو ابن ثنتين وستين سنة. رضي الله عن « طلحة بن عبيد الله » وجزاه الله أفضل الجزاء.