كما كان رضياللهعنه من الذين يتمثلون قول الرسول صلىاللهعليهوسلم « من رأى منك منكرا فليغيره بيده ، فمن لم يستطع فبلسانه ، فمن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ».
فعن « إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب » عن أبيه ، أن « عبادة بن الصامت » ، أنكر شيئا على « معاوية » فقال : لا أساكنك بأرض ، فرحل إلى « المدينة المنورة » فقال له « عمر » رضياللهعنه وهو خليفة المسلمين حينئذ : « ما أقدمك »؟ فأخبره بفعل « معاوية » فقال له : « ارحل إلى مكانك ، فقبّح الله أرضا لست فيها ، وأمثالك ، فلا إمرة له عليك » (١).
ولما استشهد « عمر » رضياللهعنه ، وتولى أمر المسلمين « عثمان بن عفان » رضياللهعنه ، كتب « معاوية » إلى « عثمان » : أن « عبادة بن الصامت » قد أفسد عليّ « الشام » وأهله ، فإما أن تكفه إليك ، وإما أن أخلّي بينه وبين الشام.
فكتب إليه « عثمان » : أن رحّل « عبادة » حتى ترجعه إلى داره « بالمدينة » قال : فدخل على « عثمان » فلم يفجأه إلا به وهو معه في الدار ، فالتفت إليه فقال : يا عبادة ما لنا ولك؟ فقام « عبادة » بين ظهراني الناس ، فقال : سمعت رسول الله عليه وسلّم يقول : « سيلقى أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، ولا تضلوا بربكم » ا هـ (٢).
ولقد أحب الرسول صلىاللهعليهوسلم « عبادة » حبا كثيرا ، والدليل على ذلك ما يلي : قال محمد بن سابق ، حدثنا حشرج بن نباتة ، عن موسى بن
__________________
(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٧.
(٢) أخرجه احمد في المسند ، انظر السير ج ٢ ص ٩.