وقال « طاوس » : ما رأيت أورع من « ابن عمر » ا هـ (١).
كما كان رضياللهعنه زاهدا في الدنيا ، يوضح ذلك ما يلي : قيل لـ « نافع » : ما كان يصنع « ابن عمر » في منزله؟ قال : لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة ـ والمصحف فيما بينهما ا هـ (٢).
وكان « ابن عمر » رضياللهعنهما يتمثل دائما قول الله تعالى : ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) (٣)
وهناك أكثر من دليل على ذلك : فعن « نافع » مولى « ابن عمر » قال : « كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبه بشيء من ماله قرّبه لربّه عزوجل ، قال « نافع » : وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه ، فربما شمّر أحدهم فيلزم المسجد ، فإذا رآه « ابن عمر » على تلك الحالة الحسنة أعتقه ، فيقول له أصحابه : يا أبا عبد الرحمن والله ما بهم إلا أن يخدعوك ، فيقول « ابن عمر » : فمن خدعنا بالله عزوجل تخدّعنا له.
قال « نافع » : فلقد رأيتنا ذات عشية وراح « ابن عمر » على نجيب له قد أخذه بمال عظيم ، فلما أعجبه سيره أناخه مكانه ثم نزل عنه ، فقال : يا نافع ، انزعوا زمامه ، ورحله ، وحللوه ، وأشعروه ، وأدخلوه في « البدن » (٤).
وعن « ابن عمر » رضياللهعنهما قال : لما نزلت : ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) دعا « ابن عمر » جارية له فأعتقها ، وقال : والله إن كنت لأحبك في الدنيا ، اذهبي فأنت حرة لوجه الله عزوجل (٥).
__________________
(١) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١٢.
(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٢١٥.
(٣) سورة آل عمران الآية ٩٢.
(٤) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٩٤.
(٥) انظر حلية الأولياء ج ١ ص ٢٩٥.