الله عنه هو الآمر بجمع القرآن في المرّة الثانية والأخيرة ، وهو المشرف على كتابته في عهد خلافته بمعرفة كل من : زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، رضياللهعنهم أجمعين.
وكان ذلك سنة خمس وعشرين من الهجرة حيث اجتمع أهل الشام وأهل العراق في غزوة « أرمينية وأذربيجان ».
وكان ضمن هذه الغزوة « حذيفة بن اليمان » ت ٣٦ هـ ، فرأى اختلافا كثيرا بين المسلمين في وجوه القراءات ، وسمع ما كانت تنطق به ألسنتهم من كلمات التجريح ، والتأثيم ، فاستعظم ذلك « حذيفة » ففزع إلى « عثمان » رضياللهعنه ، وأخبره بما رأى ، وقال له : أدرك الناس قبل أن يختلفوا في كتابهم الذي هو أصل الشريعة ، ودعامة الدين ، كما اختلف اليهود والنصارى ا هـ.
فأدرك « عثمان » رضياللهعنه بثاقب نظره ، وحصافة رأيه أن هذه الفتنة إن لم تعالج بالحكمة والحزم ، ستجرّ لا محالة إلى أسوأ العواقب ، ففكر في علاجها قبل أن يستفحل خطرها ، ويتفاقم شرها. فجمع أعلام الصحابة ، وذوي الرأي منهم ، فأجمعوا رأيهم على أن تنسخ الصحف الأولى التي جمعها « زيد بن ثابت » رضياللهعنه في عهد الخليفة الأول « أبي بكر الصديق » رضياللهعنه في مصاحف متعددة ، ثم يرسل إلى كل مصر مصحف منها ، يكون مرجعا للناس عند الاختلاف ، وموئلا عند التنازع ، على أن يحرق كل ما عدا هذه المصاحف ، وبذلك يستأصل دابر الخلاف ، وتجتمع الكلمة ، وتوحد الصفوف.
ومناقب « عثمان » رضياللهعنه كثيرة ومتعددة ، أذكر منها ما يلي : فعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : « من يحفر بئر رومة فله الجنة ، فحفرها « عثمان » ومن جهز جيش العسرة فله الجنة ، فجهزها « عثمان » ا هـ (١).
__________________
(١) رواه البخار ، وأحمد والترمذي.