المنعم بن النحويّ : « خرج القاضي أبو محمد العلوي وجماعة من الشيوخ إلى « داريا » ليأخذوا الشيخ كي يكون إماما للجامع الأموي. فلبس أهل « داريا » السلاح ليقاتلوا دونه ، فقال القاضي : يا أهل « داريا » أ لا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام ، فقالوا : قد رضينا ، فأخذوه ، وسكن في المنارة الشرقية ، وكان يقرى شرقي الرواق الاوسط ولا يأخذ على الامامة رزقا ، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برا ، ويقتات من أرض له « بداريا » ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ثم يعجنه ويخبزه » (١).
ألا يعتبر أن « علي بن داود » ضرب أروع الأمثال في القناعة وعفة النفس؟ بهذه الأخلاق الفاضلة احتل « علي بن داود » مكانة سامية في جميع الاوساط مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول تلميذه « رشاد بن نظيف » : « لم ألق مثله حذقا وإتقانا في رواية « ابن عامر » الدمشقي ، وهو الإمام الرابع بالنسبة إلى أئمة القراءات » (٢).
وقال « الكتاني » : كان علي بن داود ثقة ، انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين ، ومضى على سداد (٣).
وقال « الإمام الداني » : كان ثقة ضابطا متقشفا (٤).
وقال « الإمام ابن الجزري » : « كان « علي بن داود » إماما مقرئا ضابطا متقنا محررا زاهدا ثقة » ا هـ (٥).
توفي « علي بن داود » في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة ، وهو في التسعين رحمهالله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
(١) انظر القراء الكبار ١ / ٣٦٦.
(٢) انظر طبقات القراء ١ / ٥٤٢.
(٣) انظر القراء الكبار ١ / ٣٦٦.
(٤) انظر طبقات القراء ١ / ٥٤٢.
(٥) انظر طبقات القراء ١ / ٥٤٢.