« أبي » بيتا بعشرين دينارا وجهزني للحج ، فلما صرت إلى « المدينة المنورة » أتيت مجلس « مالك » ومعي مسائل ، فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام ، والناس يسألونه ، وهو يجيبهم ، فقلت : ما تقول في كذا؟ فقال : حصلنا على الصبيان يا غلام احمله ، فحملني كما يحمل الصبيّ ، وأنا يومئذ مدرك ، فضربني بدرّة مثل درّة المعلمين سبع عشرة درّة ، فوقفت أبكي ، فقال : ما يبكيك أوجعتك هذه؟ قلت : إن « أبي » باع منزله ، ووجّه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني ، فقال : اكتب ، فحدثني سبعة عشر حديثا ، وأجابني عن المسائل » (١).
ويقول « الذهبي » : لقد كان هشام بن عمّار من أوعية العلم ، وكان ابتداء طلبه للعلم وهو حدث قبل السبعين ومائة ، وفيها قرأ « القرآن » على أيوب بن تميم ، وعلى الوليد بن مسلم وجماعة (٢).
وقد كان « هشام بن عمّار » من الذين أوقفوا حياتهم لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.
يقول « ابن الجزري » : قد روى القراءة عن « هشام » ، أبو عبيد القاسم ابن سلام قبل وفاته بنحو أربعين سنة ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، وأحمد بن أنس ، وإسحاق بن أبي حسّان ، وأحمد بن المعلّى ، وإبراهيم بن عباد ، وإسحاق بن داود ، وغيرهم كثير (٣).
لقد كان « هشام بن عمّار » من رجال الحديث الثقات ، فقد وثقه يحيى ابن معين ، وابن الجنيد ، وأحمد العجلي ، والنسائي. وقال « الدار قطني » : صدوق كبير المحلّ (٤).
__________________
(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ١٩٦.
(٢) انظر سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٤٢٢.
(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٥٤.
(٤) انظر سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٤٢٤.