خفي على أهل الإنصاف ومن جانب العصبيّة والإعتساف.
وكان من جملة ما زيّنوا به الدفاتر ـ والكلام في الإماميّين ـ أن ضبطوا شطرا من مباحث الأصول من أيّام الإمام جعفر بن محمّد عليهما الصلاة والسلام وامتد ذلك إلى يومنا هذا ولا يزال.
والذي يلاحظ ما ورد من الأخبار من لسان مولانا الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في علاج تعارض الأخبار لا محيص له من الإذعان بذلك ، وقد أشارت فهارس الأصحاب إلى عدد غير قليل مما كتب في مباحث الالفاظ واختلاف الحديث وغيره من المباحث الأصوليّة بقلم أصحابنا الإماميّة ، وقد ضاع هذا التراث ـ كغيره ـ نتيجة حقد دولة الباطل وفروعها على أتباع مدرسة أهل البيت عليهمالسلام.
« طليقة الكتب الأصوليّة »
ولعلّ أقدم ما وصل الينا ـ سوى ما جاء في الأخبار ـ من تراث أصوليّ مدوّن اليوم هو كتاب « تذكرة الأصول » للشيخ الجليل محمّد بن محمّد بن النّعمان المفيد ( م ٤١٣ ه ).
ومن يعرف الأحقاد الواردة على طول الخطّ المرير الذي عاشه المضطهدون من شيعة آل محمّد عليهمالسلام لا يتسنّى له التّردد في وجود التراث الضخم الضائع ـ في مختلف المجالات ـ أو بالأخرى أن نقول : المضيّع حقدا ، والاّ فانّنا وجدنا الأصحاب سبّاقون إلى كلّ فضيلة من سلمان والمقداد وأبي ذر ومالك بن الحارث الأشتر وشهداء الطفّ وثابت بن دينار وأبان بن تغلب وحمران ومحمّد بن مسلم وزرارة وبريد وهشام وجميل وصفوان وابن أبي عمير ويونس والعبيدي والبزنطي وابن مهزيار والوشّاء وأيّوب والأشعريّين والوكلاء الأربعة وعشرات غيرهم.
وكيف كان : لا يمكن الجزم بأنّ المفيد هو أوّل من دوّن من الأصحاب في القواعد الأصوليّة في الغيبة الكبرى إذ لم يصل من تراث بدايات الغيبة إلاّ النّزر القليل بل قد يقال : انّه لم يصل شيء.