وعلى أيّة حال فالكتاب الثاني ـ الواصل اليوم ـ هو « العدّة » للشيخ الطوسي ولعلّه مقدّم في التأليف على « ذريعة » السيّد الشريف أعلى الله تعالى مقامه ـ كما احتمله بعض الباحثين وفّقه الله تعالى ـ وإن لم يخل من نظر.
وثالثها ـ إن لم يكن الثاني ـ هو « الذريعة ».
والمدار في حلقات الإستنباط على هذين الأخيرين إلى عدّة قرون وإن كان قد كتب غير واحد من الأعلام في هذا الباب أكثر من كتاب كـ « التقريب في أصول الفقه » لسلاّر الديلمي المتوفى سنة ٤٤٨ ه و « الغنية » لابن زهرة الحلبي المتوفى سنة ٥٥٨ ه و « المصادر » لسديد الدين محمود الحمّصي المتوفي سنة ٦٠٠ ه و « المعارج في أصول الفقه » للفقيه الأعظم المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي المتوفي سنة ٦٧٢ ه.
ولا بد من الاعتراف للأخيرين بعبقريّتهما الفذّة خصوصا الأخير منهما حيث استطالت القرون من بعده وإلى ساعتنا هذه ، ولو لا ان الزّمان ادّخر لنا أبطالا من نظراء المحقق الحلّي فيما بعد الحمّصي رضوان الله تعالى عليه لما سكن دويّ عظمة الرجل كما طبّقت الأمصار في عصره وفاقت الأقران في دهره وشهد له بذلك المؤالف والمخالف وأقرّ له القريب والبعيد.
ثم جاء دور نابغة العراق والعلاّمة على الإطلاق جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي الحلّي ـ حيث تقدّم السابقين واستطال اللاحقين وانخرط في البارزين الأوّلين ممّن يحقّ للطائفة أن تعتزّ به على كلّ من دبّ على هذه المعمورة أو ركض ، كيف لا؟ وقد تحلّى بخصال رفعته إلى السماء حتى تقاصرت عن إدراكه نجومها ، فهو من نوابغ البشريّة والأوّلين من بني نوع الإنسانيّة في طبقة الرعيّة « زاد الله في شرفه وكرامته » وكم له من أياد جميلة على هذه الطائفة الطاهرة المتمسّكة بحبل آل محمّد عليهم الصلاة والسلام ـ فكتب في الأصول المقارن ـ كما الفقه ـ وبسط القول فيها وله في هذا العلم المختصر والمتوسط والمفصّل ، تدرّج في التأليف