.................................................................................................
______________________________________________________
وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون بينهم ، أي يسأل بعضهم بعضا على طريق الإنكار والتعجب ، فيقولون : ما ذا جاء به محمد وما الذي أتى به؟ فأنزل الله تعالى : « عَمَّ يَتَساءَلُونَ » أي عن أي شيء يتساءلون؟ قال الزجاج : اللفظ لفظ استفهام والمعنى تفخيم القصة كما تقول : أي شيء زيد؟ إذا عظمت شأنه ، ثم ذكر أن تسائلهم عما ذا؟ فقال « عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ » وهو القرآن ، ومعناه الخبر العظيم الشأن لأنه ينبئ عن التوحيد وتصديق الرسول ، والخبر عما يجوز وعما لا يجوز ، وعن البعث والنشور وقيل : يعني نبأ يوم القيامة وقيل : النبإ العظيم ما كانوا يختلفون فيه من إثبات الصانع وصفاته والملائكة والرسل والبعث والجنة والنار والرسالة والخلافة ، فإن النبإ معروف يتناول الكل « الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ » فمصدق به ومكذب « كَلاَّ » أي ليس الأمر كما قالوا « سَيَعْلَمُونَ » عاقبة تكذيبهم حتى ينكشف الأمور « ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ » هذا وعيد على أثر وعيد ، وقيل كلا أي حقا سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم وسيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم ، وقيل : كلا سيعلمون ما ينالهم يوم القيامة ثم كلا سيعلمون ما ينالهم في جهنم من العذاب.
وروى السيد ابن طاوس رضياللهعنه في الطرائف عن محمد بن مؤمن الشيرازي في تفسيره بإسناده عن السدي قال : أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : يا محمد هذا الأمر بعدك لنا أم لمن؟ قال : يا صخر الأمر من بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى ، فأنزل الله تعالى « عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ » ، منهم المصدق بولايته وخلافته ، ومنهم المكذب بهما ، ثم قال : كلا ، وهو رد عليهم ، سيعلمون خلافته بعدك أنها حق ثم كلا سيعلمون ، يقول : يعرفون ولايته وخلافته إذ يسألون عنها في قبورهم فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب ولا بحر ولا بر إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام بعد الموت