المُمتنع من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صِفَته ، ومِن الأوهام كيفيّته. إبتدع الأشياء لا من شيء كان قَبلها (١) ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلةٍ امتثَلها (٢) ، كوّنها بقُدرته ، وذَرأها بمشيئته (٣) ، من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، إلا تثبيتاً لحِكمته ، وتنبيهاً على طاعته ، وإظهاراً لقدرته ، وتعبّداً لبَريّته ، وإعزازاً لدعوته.
ثم جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده مِن نقمته (٤) ، وحياشةً لهم إلى جنّته (٥).
وأشهد أنّ أبي ( محمّداً ) عبده ورسوله ، إختاره وانتجبه قبلَ أن أرسَلَه ، وسمّاه قبل أن اجتَبَله (٦). واصطفاه قبل أن ابتَعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية
__________________
١ ـ ابتَدَع : أحدَثَ وابتكر.
٢ ـ الإحتذاء : الاقتداء. وحذو النعل بالنَعل : أي قطع النعل على مثال النعل وقَدرها.
٣ ـ ذَرأها : خَلقَها.
٤ ـ ذيادة : مَنعاً.
٥ ـ حياشة لهم : سَوقَهم.
٦ ـ اجتَبله : فطَره ، أو خَلَقه.