دليلاً في المنع ؟ فترى كل واحد منهما يأتي بتعليل يختلف عن الآخر ، ألم يعلم الشيخان وغيرهما أن النبي كان يبعث أعيان الصحابة معلمين ومنذرين وكان يأمر بعضهم بالكتابة ؟
نعم ، إن عرب الجزيرة كانوا بعيدين عن الكتابة ، وصرح سبحانه بذلك بقوله : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ ) (١) ، وجاء عنه صلىاللهعليهوآله قوله : « إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا » ، وقال ابن قتيبة : كان الصحابة أميين لا يكتب منهم إلاّ الواحد والاثنان ، وإذا كتب لم يتقن ولم يصب التهجي.
وجاء في المعجم الصغير ومجمع الزوائد : أن رسول الله أرسل إلى قبيلة بكر بن وائل برسالة فلم يجدوا فيها قارئاً ، فأرسلوه إلى رجل من بني صبعة ليقرأها ، فهم يسمون بني الكاتب لوجود من كان قد قرأ الكتاب عندهم.
فمما يحتمل في الأمر أن يكون الخليفة قد استغل هذا الوضع الجاهلي عند العرب لتطبيق نهيه عن الحديث لاحقاً ، لأن الإسلام سعى لرفع مستوى العلم ودعا إلى الكتابة والتحديث ، وقد عرفت أن عرب الجزيرة كانوا لا يعرفون الكتابة ، فمن المحتمل القوي أن يكون
__________________
(١) الجمعة : ٢.