والدجاج فهو بين هذين وفي كل موضع فشحم الذكور من الحيوان أشد حرّا من شحم الإناث ومن شحم الذكور أيضا شحم الخصي أقل تسكينا وتسخينا وتجفيفا من شحم الفحل لأن كل ذكر يخصى يكون أبدا شبيها بالأنثى الذي من جنسه وجملة هذا القول أن أصناف شحوم الحيوان إنما تكون بحسب مزاجها وقوة كل شحم تسخن وترطب بدن الإنسان ولكن أصنافه قد تختلف في الزيادة والنقصان بحسب كل واحد من الحيوان فشحم الخنزير على ما وصفنا يرطب ترطيبا بليغا وليس يسخن على هذا المثال كما لا يسخن الزيت ، فأما شحم الثور الفحل فهو أشد حرارة ويبسا من شحم الكبش وشحم الكباش أحر وأيبس من شحم الخنزير وينبغي لك ههنا أن تعلم أن الذكر أحر وأيبس من الأنثى وأن الخصي أيضا يصير شبيها بالأنثى كما أن الفتى من الحيوان أرطب من مسن الحيوان أيضا فإنّ شحم العجل أقل حرارة ويبسا من شحم الثور والأنثى أرطب من الذكر وأقل حرارة منه ، وكذا أيضا شحم الماعز أقل حرارة من شحم التيوس وشحوم فحولة الثيران أقل في ذلك من شحم الأسد ، لأن شحم الأسد أكثر تحليلا جدا من شحوم جميع الحيوانات من ذوات الأربع لأن شحم الأسد أشد حرارة من حرارته وألطف جدا من جميع الشحوم ولذلك صار متى خلطته مع الأدوية المانعة للجراحات والأورام الحادثة الحارة كنت مع ما لا ينفع العليل بذلك شيئا من المنافع ستضره أيضا لما يحدث في الخراج والورم من الحدة أكثر مما ينبغي فأما الأورام المزمنة الصلبة المتحجرة فشحم الأسد من أنفع الأشياء لها ، وأما شحم الخنزير فليس يمكنه أن يفعل هذا ، وأما شحم فحولة الثيران وكأنه بعيد عن هذين جميعا بعدا سواء فبحسب ما يسخن يجفف أكثر من شحم الخنزير ، فكذا يفعل الأمرين جميعا أقل من شحم الأسد فلما كان موضوعا في الوسط صار حقيقيا بأن يخلط مع هذين الجنسين كلاهما من أجناس الأدوية التي تشفي الأورام الصلبة ومع الأدوية التي تنضج الأورام الحارة بمنزلة المراهم التي يقع فيه أربعة أدوية وهو الباسليقون المتخذ من شمع وزفت وشحم وراتينج فإن هذا المرهم الذي يقع فيه شحم ثور فحل أو شحم عجل أو شحم تيس أو شحم عنز أو شحم خنزير كان الدواء الذي يعمله دواء يفتح وينضج ولكنه إن وقع فيه شحم خنزير كان للصبيان والنساء أنفع ، وبالجملة فجميع من لحمه رخص ، وإن وقع فيه شحم ثور كان للفلاحين أنفع وللحصادين ولجميع من لحمه يابس صلب إما من قبل مزاجه بالطبع وإما من قبل التدبير الذي يتدبر به وكل شحم يعتق فهو يصير أشد حرارة مما كان وألطف فيكون بهذا السبب أكثر تحليلا وهذا شيء على الأمر الأكثر موجود في جميع الأشياء التي لم تعتق متى لم تبادر إليها العفونة قبل ذلك ولما كانوا قد قالوا في شحوم الأفاعي أنه إن دلك به أصول الشعر الذي في الإبط بعد ما ينتف لم ينبت رأيت أنه ينبغي أن أجربه فلما فعلت ذلك على ما أمروا به وجدتهم قد كذبوا فيه كما قد كذبوا في قولهم أنه إذا اكتحل به أبرأ ابتداء نزول الماء في العين ، وإما شحم الدب فقد صدقوا في قولهم أنه ينفع من داء الثعلب ولكن لنا أدوية هي أنفع منه لهذه العلة. ديسقوريدوس في الثانية : أما ما كان طريا من شحم الأوز وشحم الدجاج وعمل فيه بيسير ملح كان موافقا لأوجاع الأرحام وما كان مملوحا أو مستفيدا حرافة لطول ما أتى عليه من الزمان فإنه صار للأرحام ، وعمل هذه الشحوم أن تأخذ منها شيئا طريا وتنقيه من الحجب التي فيه وتصيره