معا إلا أنّ قبضه يسير ومرارته شديدة وهو يحدر أيضا الثفل من البطن ولذلك صار في عداد الأدوية التي تخرج الثفل من البطن ، وفي جميع ما وصفناه من أمره ما يعلم به أنه دواء يجفف في الدرجة الثالثة من درجات التجفيف ويسخن أيضا إما في الدرجة الأولى ممتدة أو في الدرجة الثانية مسترخية ومما يشهد على أن قوّة الصبر مركبة مخلوطة ما يفعله من أفعاله الجزئية أولا فأولا وذلك أنه أنفع للمعدة من كل دواء آخر ويلزق النواصير الغائرة ويدمل القروح العسرة الإندمال وخاصة ما يكون منها في الدبر والذكر وينفع أيضا من القروح الحادثة في هذه المواضع إذا ديف بالماء وطلي عليها ويدمل الجراحات على ذلك المثال وينفع إذا استعمل من الأورام الحادثة في الفم وفي المنخرين والعينين ، وبالجملة شأنه أن يمنع كل ما يتحلب ويحلل كل ما قد حصل ، وفيه مع هذا جلاء يسير يبلغ من قلته أنه لا يلذع الجراحات الطرية النقية. ديسقوريدوس : وقوّته قابضة مجففة منوّمة محصنة للأبدان ، وإذا شرب منه فلنجارين بحليب لين بماء بارد أو فاتر في فتورة اللبن حين يحلب أسهل البطن ونقى المعدة ، وإذا شرب منه مقدار ثلاث أوثولوسات أو درخمي بماء قطع نفث الدم ونقي اليرقان وإذا حبب مع الراتينج أو بالماء أو بالعسل المنزع الرغوة أسهل الطبيعة وإذا أخذ منه ثلاث درخميات نقي تنقية تامة ، وإذا خلط بسائر الأدوية المسهلة قلل ضررها للمعدة ، وإذا ذر وألصق على الجراحات ألصقها وأدمل القروح ومنعها من الإنبساط وشفى خاصة القروح المقرحة ويلزق الجراحات الطرية ، وإذا ديف بشراب حلو شفى من البواسير الناتئة والشقاق العارض في المقعدة ويقطع الدم السائل من البواسير ويدمل الداحش المتقرح ، وإذا خلط بالعسل أبرأ آثار الضرب الباذنجانية وإذا خلط بالخل ودهن الورد ولطخ على الجبهة والصدغين سكن الصداع ، وإذا خلط بشراب أمسك الشعر المتناثر ، وإذا خلط بالعسل والشراب وافق أورام العضل الذي عن جنبتي أصل اللسان واللثة وسائر ما في الفم وقد يشوى على خزف نقي محمى حتى يستوي من جميع نواحيه ويستعمل في الأكحال وقد يغسل ويخرج منه الأشياء الرملية التي فيه لأنه لا منفعة فيها ويؤخذ صافيه ونقيه. أبو جريج : هو ثلاثة أنواع السقوطري والعربي والسمجاني فالسقوطري يعلوه صفرة شديدة كالزعفران ، وإذا استقبلته بنفس حار من فيك خلت أن فيه ضربا من رائحة المر وهو سريع التفرك وله بريق وبصيص قريب من بصيص الصمغ العربي فهذا هو المختار ، وأما العربي فهو دونه في الصفرة والرزانة والبصيص والبريق ، وأما السمجاني فرديء جدّا منتن الرائحة عديم البصيص وليست له صفرة والصبر إذا عتق وانكسرت حدته والمغشوش أسرع في ذلك. الرازي في الحاوي : قال جالينوس في تدبير الأصحاء : من طبع الصبر جذب الصفراء وإخراجها. وقال في الثانية : من الميامن أن الصبر الغير المغسول أكثر إسهالا والعسل ينقص من قوّته الدوائية نقصانا كثيرا ويخرجه عن طبيعته الدوائية خروجا كثيرا حتى إنه لا يكاد يسخن. وقال : في الصبر قوّة إسهال ليست بالقوية بل إنما مقدار قوّته أن يبلغ إلى أن يسهل ما في البطن مما يلقاه ويماسه وإن سقي منه فضل قليل بلغت قوّته إلى ناحية الصدر والكبد ، وإما أن يكون الصبر من الأدوية التي تنقص البدن كله فلا. وقال : والصبر أبلغ الأدوية لمن يعرض في معدته علل من جنس المرار حتى أنه يبرئ كثيرا منها في يوم واحد.