حنون ليشعر بدفء لذيذ حتى قال الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يخاطب ولده الامام الحسن (ع).
« وجدتك بعضي بل وجدتك كلي ، حتى لو أن شيئاً أصابك أصابني » (١).
هذا الانصهار في الكيان بين الوليد ، ووالده ، وهذه الوحدة في الذات هما اللذان أوجبا أن يصور لنا الامام (ع) هذا الانشداد ليبين أن ما يصيب الولد يصيب الوالد لانهما شيء واحد بفارق يميز أحدهما أنه فرع ، والآخر أنه الأصل ، والنبتة التي كانت منشأ ، لذلك الفرع الجميل.
وإنما أولادنا في الورى |
|
أكبادنا تمشي على الارض |
وإذا ما أردنا أن نتبع هذه العواطف الجياشة الكامنة في قلب الاب تجاه وليده لوجدنا مشهداً من هذه المشاهد حيث تنعكس على صفحاته آيات الحب ، والعطف الابوي بين وليد يتمتع بنظارة الشباب ، وشيخ أحنت عليه السنون.
ففي خضم من القلق ، والاضطراب يتجه الشيخ الكبير يحمل فوق كتفيه متاعب القرون الماضية ليستعطف ربه بلهجة كلها الرقة ، والكلمات تتكسر بين شفتيه :
( رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ ).
إنه نوح ( نبي الله ) أبو البشر الثاني كما تعتبر عنه كتب التأريخ والعبد الصالح المجاهد في سبيل الله. دعى قومه إلى عبادة الله والتوحيد به ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعاؤه إلا فراراً.
__________________
(١) مقطع من وصية الامير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أوصى بها ولده الامام الحسن (ع) قالها عند رجوعه من صفين.