وضاعت التوسلات وسط الامواج ، وبعد الشبح ، وذهب الولد هارباً ، وأسدل الستار على الحوار العاطفي.
( وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ ).
وابتلعت المياه كل شيء ، ولم يبق من مخلوقات الله إلا :
( مَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ).
وهم ركاب السفينة.
وصدرت الأوامر الإِلهية :
( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).
وتنفس الشيخ الهرم الصعداء ، فلقد أخذت المياه كل أولئك الذين كفروا برسالته ، واذاقوه ألوان العذاب.
ولم تشغل هذه المناظر المرعبة ، والنتائج التي حصل عليها في التغلب على الاعداء من التفكير في ولده بعد أن ضاعت توسلاته بابنه المغرور لذلك اتجه إلى ربه يذكره بوعده بأن أهله من ضمن الناجين من العذاب إلا إمرأته التي خانته في الإِيمان به ، وولده من أهله.
( وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ ).
أنه بهذا التضرع يعترف من طرف خفي بحقيقة العاطفة الطاغية على مركز النبوة ، والعصمة.
وماتت البسمة ، وانطفأ الأمل ، ومات شبح الابن حينما جاءه النداء :
( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا