مسكيناً عن حقه فهو مخطيء حينما ينسج له مقاييس وهمية ليبني عليها واقعه الاجتماعي ، وليهرب من مواجهة الحقيقة ، ويبرر بذلك موقفه من موجات الظلم المتلاحقة الصادرة منه.
( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ ).
يحاسبه على كل صغيرة ، وكبيرة ، وسيجازيه عن كل ما يرتكبه وليقول العبد في ذلك اليوم ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) ولتتمثل له عندها الطبقات الضعيفة تحاسبه على تجاوزه على حقوقها التي كانت له كنبتة الربيع.
( فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ، وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ) (١).
وصدق الله العظيم في وعده وليعض الظالم في ذلك اليوم على يديه ندماً ، ولتتحرق نفسه وهو يرى أن لا مناص من الجزاء وبذلة النادم يضرع إلى ربه وهو يصيح والموت يتراءى له بمنظره الموحش ليجسد له أعماله.
( رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ).
وجاء في تفسير الآية الكريمة أن المراد بما ترك تركته المالية حيث لم يؤد ما عليه من الحقوق وقيل : المراد فيما فرطت وليكن هذا أو ذاك فالمعنى يحوم حول ندمه على ما لم يقم به في دنياه مما فرضته عليه الشريعة المقدسة ولكن :
( كَلاًّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ).
فقد فاتته الفرصة ، وخسر الجولة فقد جاءه الموت ليلفه بشراعه ، وليجد أعماله تنتظره إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر.
__________________
(١) سورة الفجر : آية ( ٢٥ ، ٢٦ ).