وليس ذلك في صلاح هؤلاء الاطفال لذلك قصدوا للسؤال من النبي (ص) عن أمر اليتامى ومخالطتهم وفيهم من لا يمكن تركه.
فجاءت الآية الكريمة لتخفف عنهم هذه الشدة ، وتصحح لهم المفهوم الخاطيء الذي تصوروه في ذلك فتسهل عليهم معاشرتهم.
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) (١).
وكان الجواب صريحاً في الطريق الذي لا بد لهم من سلوكه مع الأيتام فلا داعي لهذا التجنب ولا داعي لهذه الهوة التي أحدثوها فيما بينهم فكلما فيه صلاح اليتيم لا بد من رعايته وإذا كانت هناك مصلحة في مخالطتهم والتعايش معهم فهم اخوانكم ، والمخالطة مع الاخوان مما يؤكد عرى المحبة.
والاصلاح في الآية مطلق لا يقتصر على جهة معينة بل يشمل كل صور الاصلاح لأموالهم باستثمارها ، وتنحيتها ، والعمل بها في ميادين التجارة والكسب لتوفر على اليتيم ربحاً وفيراً في ماله.
وفي الوقت نفسه تشمل اصلاح اليتيم مع بقية نواحيه ولو كانت غير مالية كالتربية ، والتهذيب إذ أن الآية الكريمة تريد أن يكون اليتيم في نظر الآخرين كالاخ الصغير حيث يختضنه الأخ الكبير ، ويحوطه بعنايته فهو يقوم برعايته من النواحي المالية ، والاخلاقية ، ويخالطه ، ويعاشره بنحو لا يكون في البين طمع من الكبير في أموال الصغير ، بل رعايته ، وتوجيهه بحسن نية ، واخلاص ممزوجين بعطف أخوي.
ولم تقتصر الآيات الكريمة في مقام التهديد على النهي عن
__________________
(١) سورة البقرة : آية (٢٢٠).