مصلحة فقد صرحت الآية الكريمة بسلوك الطريق الاحسن في مثل ذلك التصرف ، وقد جاء ذلك بصورة النهي إلى جميع المعنيين بشؤون اليتيم ، ورعايته أن يقربوا ، وهو كناية عن التصرف ـ لمال اليتيم إلا بالشيء الذي يصدق عليه التصرف الاحسن ، ويكون ذلك بحفظه ، وتثميره ، والانفاق عليه بالمعروف على ما لا يشك أنه أصلح له ، فأما لغير ذلك فلا يجوز لأحد التصرف فيه.
وإنما خص اليتيم بذلك ، وان كان التصرف في مال البالغ بغير إذنه لا يجوز أيضاً مما هي خصوصية اليتيم.
والجواب عن ذلك : أن اليتيم إلى هذه الرعاية أحوج والطمع في مثله أكثر (١) لذلك جاءت الآية الكريمة تحفظ حقه في التأكيد على ما هو أصلح له عند التصرف بماله.
ونقف أخيراً أمام السؤال الذي يفرض نفسه علينا ، ونحن نرى الآية الكريمة تجيز التصرف بالنحو الاحسن بأنه : لو دار الامر بين الأصلح ، والمصلحة ، ويمثل لذلك ، بما إذا كان يباع هذا المال في مكان بعشرة دنانير ، ولكنه يباع بعشرين دينار بمكان قريب من ذلك المكان ، ففي هذه الصورة يعد بيعه في المكان الأول ـ مع إمكان بيعه في المكان الثاني ـ إفساداً للمال ، ولو ارتكبه عاقل عد سفيهاً ليست لديه ملكة إصلاح المال ، وتثميره (٢).
وإذاً فلا بد من رعاية الاصلح إن لم يكن ذلك موجباً لادخال الضرر على من يتصدى للتصرف بمال اليتيم.
__________________
(١) التبيان في تفسير القرآن في تفسيره لآية (٣٤) من سورة الاسراء.
(٢) مكاسب الشيخ الانصاري بحث الولاية.