تَعْمَلُونَ » : ( الأعراف : ١٢٩ ) وقوله أيضا : « وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ » ـ إلى أن قال ـ « وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ » ( إبراهيم : ٧ ) وما يناظرها من الآيات تدل على أن هذه الكتابة كتابة مشترطة لا مطلقة غير قابلة للتغير والتبدل.
وقد ذكر بعض المفسرين أن مراد موسى في محكي قوله في الآية : « كَتَبَ اللهُ لَكُمْ » ما وعد الله إبراهيم عليهالسلام ، ثم ذكر ما في التوراة (١) من وعد الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنه سيعطي الأرض لنسلهم ، وأطال البحث في ذلك.
ولا يهمنا البحث في ذلك على شريطة الكتاب سواء كانت هذه العدات من التوراة الأصلية أو مما لعبت به يد التحريف فإن القرآن لا يفسر بالتوراة.
قوله تعالى : « قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ » قال الراغب : أصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر يقال : جبرته فانجبر واجتبر. قال : وقد يقال الجبر تارة في الإصلاح المجرد نحو قول علي رضي الله عنه : يا جابر كل كسير ويا مسهل كل عسير ، ومنه قولهم للخبز : جابر بن حبة ، وتارة في القهر المجرد نحو قوله عليهالسلام : لا جبر ولا تفويض ، قال : والإجبار في الأصل حمل الغير على أن يجبر الآخر لكن تعورف في الإكراه المجرد فقيل : أجبرته على كذا كقولك : أكرهته. قال : والجبار في صفة الإنسان يقال لمن يجبر نقيصة بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها ، وهذا لا يقال إلا على طريق الذم كقوله عز وجل : « وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ » وقوله تعالى. « وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا » وقوله عز وجل : « إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ » قال : ولتصور القهر بالعلو على الأقران قيل : نخلة جبارة وناقة جبارة انتهى موضع الحاجة.
__________________
(١) كما في سفر التكوين أنه لما مر إبراهيم بأرض الكنعانيين ظهر له الرب : « وقال لنسلك أعطي هذه الأرض » ١٢ : ٧ وفيه أيضا : « في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقا قائلا : لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات » ١٥ : ١٨ وفي سفر تثنية الاشتراع : « الرب إلهنا كلمنا في حوريب قائلا : كفاكم قعودا في هذا الجبل ، تحولوا وارتحلوا وادخلوا جبل الأموريين وكل ما يليه من القفر والجبل والسهل والجنوب وساحل البحر أرض الكنعاني ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات. انظروا قد جعلت أمامكم الأرض ادخلوا وتملكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم » ١ ـ ٨.