والثالثة : أني مرضت فأتاني رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فقلت : يا رسول الله إني أريد أن أقسم مالي أفأوصي بالنصف؟ قال : لا ، فقلت : الثلث؟ فسكت فكان الثلث بعده جائزا ـ.
والرابعة : أني شربت الخمر مع قوم من الأنصار ـ فضرب رجل منهم أنفي بلحيي جمل ـ فأتيت النبي فأنزل الله تحريم الخمر.
أقول : الرواية لا تخلو عن شيء أما أولا فلأن قوله تعالى : « وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي » الآية ذيل قوله تعالى : « وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ » لقمان : ١٤ وهي بسياقها تأبى أن تكون نازلة عن سبب خاص. على أنه قد تقدم في ذيل قوله تعالى : « قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً » الأنعام : ١٥١ ، إن الإحسان بالوالدين من الأحكام العامة غير المختصة بشريعة دون شريعة.
وأما ثانيا : فلأن ما ذكر من أخذ السيف واستيهابه من النبي صلىاللهعليهوآله إنما يناسب قراءة : « يسئلونك الأنفال » لا قراءة : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ » وقد تقدم توضيحه في البيان المتقدم.
وأما ثالثا : فلأن استقرار السنة على الإيصاء بالثلث لم يكن بآية نازلة بل بسنة نبوية.
وأما رابعا : فلأن قصة شربه الخمر مع جماعة من الصحابة وشج أنفه بلحيي بعير وإن كانت حقة لكنه إنما شرب الخمر مع جماعة مختلطة من المهاجرين والأنصار ، وقد شج أنفه عمر بن الخطاب ثم أنزل الله آية المائدة ، ولم ينزل للتحريم بل لتشديده ، وقد تقدم ذلك كله في ذيل قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ » المائدة : ٩٠.
وفيه ، : أخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي أمامة قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال ـ فقال : فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل ـ فساءت فيه أحلامنا فانتزعه الله من