الخنزير ، وذلك إذا نزل عيسى بن مريم عليهالسلام.
أقول : والمراد بوضع الجزية أن تصير متروكة لا حاجة إليها لعدم الموضوع بقرينة صدر الحديث ، وما دلت عليه هذه الروايات من عدم بقاء كفر ولا شرك يومئذ يؤيدها روايات أخرى ، وهناك روايات أخرى تدل على وضع المهدي عليهالسلام الجزية على أهل الكتاب بعد ظهوره.
وربما أيده قوله تعالى في أهل الكتاب : « وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ » المائدة : ـ ٦٤ ، « فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ » : المائدة : ـ ١٤ ، وما في معناه من الآيات فإنها لا تخلو من ظهور ما في بقائهم إلى يوم القيامة إن لم تكن كناية عن ارتفاع المودة بينهم ارتفاعا أبديا ، وقد تقدم في ذيل الآيات بعض الكلام في هذا المعنى.
وفي الدر المنثور ، أيضا أخرج ابن الضريس عن علباء بن أحمر : أن عثمان بن عفان لما أراد أن يكتب المصاحف ـ أرادوا أن يلقوا الواو التي في براءة : « وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ » قال أبي : لتلحقنها أو لأضعن سيفي على عاتقي فألحقوها.
وفي أمالي الشيخ ، قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل وساق إسناده قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لما نزلت هذه الآية : « وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ـ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ » كل ما يؤدى زكاته فليس بكنز ـ وإن كان تحت سبع أرضين ، وكل مال لا يؤدى زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض.
أقول : وروي ما في معناه في الدر المنثور ، عن ابن عدي والخطيب عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوآله وكذا بطرق أخرى عن ابن عباس وغيره.
وفيه ، أيضا بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أبيه أبي جعفر عليهالسلام : أنه سئل عن الدنانير والدراهم وما على الناس. فقال أبو جعفر عليهالسلام : هي خواتيم الله في أرضه ـ جعلها الله مصلحة لخلقه ، وبها يستقيم شئونهم ومطالبهم ـ فمن أكثر له منها فقال بحق الله تعالى فيها ـ أدى زكاتها فذاك الذي طلبه ، وخلص له ، ومن أكثر له منها فبخل بها ولم يؤد حق الله فيها ـ واتخذ منها الأبنية فذاك الذي حق عليه وعيد الله عز وجل ـ في كتابه يقول الله تعالى : « يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ