من النقل المتواتر بهذا الترتيب من رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وإنما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف انتهى : ونقل أيضا ما يقرب من ذلك عن جماعة غيرهم كالبيهقي والطيبي وابن حجر.
أما قولهم : إن الصحابة إنما كتبوا المصحف على الترتيب الذي أخذوه عن النبي صلىاللهعليهوآله من غير أن يخالفوه في شيء فمما لا يدل عليه شيء من الروايات المتقدمة ، وإنما المسلم من دلالتها أنهم إنما أثبتوا ما قامت عليه البينة من متن الآيات ولا إشارة في ذلك إلى كيفية ترتيب الآيات النازلة مفرقة وهو ظاهر نعم في رواية ابن عباس المتقدمة عن عثمان ما يشير إلى ذلك غير أن الذي فيه أنه كان صلىاللهعليهوآله يأمر بعض كتاب الوحي بذلك وهو غير إعلامه جميع الصحابة ذلك على أن الرواية معارضة بروايات الجمع الأول وأخبار نزول بسم الله وغيرها.
وأما قولهم : إن النبي صلىاللهعليهوآله لقن الصحابة هذا الترتيب الموجود في مصاحفنا بتوقيف من جبريل ووحي سماوي فكأنه إشارة إلى حديث عثمان بن أبي العاص المتقدم في آية ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) وقد عرفت مما تقدم أنه حديث واحد في خصوص موضع آية واحدة ، وأين ذلك من مواضع جميع الآيات المفرقة.
وأما قولهم : إن القرآن مكتوب على هذا الترتيب في اللوح المحفوظ أنزله الله إلى السماء الدنيا ثم أنزله الله مفرقا عند الحاجة إلخ ، فإشارة إلى ما روي مستفيضا من طرق الشيعة وأهل السنة من نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزوله منها نجوما إلى النبي صلىاللهعليهوآله لكن الروايات ليس فيها أدنى دلالة على كون القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ منظما في السماء الدنيا على الترتيب الموجود في المصحف الذي عندنا وهو ظاهر.
على أنه سيأتي إن شاء الله الكلام في معنى كتابة القرآن في اللوح المحفوظ ونزوله إلى السماء الدنيا في ذيل ما يناسب ذلك من الآيات كأول سورتي الزخرف والدخان وسورة القدر.
وأما قولهم : إنه قد حصل اليقين بالنقل المتواتر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بهذا الترتيب الموجود في المصاحف فقد عرفت أنه دعوى خالية عن الدليل وأن هذا التواتر