كان من التفسير بمرتبة من المعنى ، وإن كان المراد بها الهداية العامة وهي إيصال كل شيء إلى كماله انطبق على ما تقدم.
وفي الكافي ، بإسناده عن إسحاق بن جرير قال : سألتني امرأة أن أدخلها على أبي عبد الله عليهالسلام ـ فاستأذنت لها فأذن لها ـ فدخلت ومعها مولاة لها فقالت له : يا أبا عبد الله ـ قول الله : « زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » ما عنى بهذا؟ فقال لها : أيتها المرأة إن الله لم يضرب الأمثال للشجر ـ إنما ضرب الأمثال لبني آدم.
وفي تفسير القمي ، بإسناده عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهالسلام : في هذه الآية « اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » قال : بدأ بنور نفسه « مَثَلُ نُورِهِ » مثل هداه في قلب المؤمن « كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ » والمصباح جوف المؤمن والقنديل قلبه ، والمصباح النور الذي جعله الله في قلبه.
« يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » قال : الشجرة المؤمن « زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ » قال : على سواد الجبل لا غربية أي لا شرق لها ، ولا شرقية أي لا غرب لها ـ إذا طلعت الشمس طلعت عليها وإذا غربت غربت عليها « يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » يكاد النور الذي في قلبه يضيء وإن لم يتكلم.
« نُورٌ عَلى نُورٍ » فريضة على فريضة ، وسنة على سنة « يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ » يهدي الله لفرائضه وسننه من يشاء « وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ » فهذا مثل ضربه الله للمؤمن.
ثم قال : فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور : مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور. قلت لجعفر عليهالسلام : إنهم يقولون : مثل نور الرب. قال : سبحان الله ليس لله مثل ، قال الله : « فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ».
أقول : الحديث يؤيد ما تقدم في تفسير الآية ، وقد اكتفى عليهالسلام في تفسير بعض فقرات الآية بذكر بعض المصاديق كالذي ذكره في ذيل قوله : « يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ » وقوله : « نُورٌ عَلى نُورٍ ».
وأما قوله : « سبحان الله ليس لله مثل فإنما ينفي به أن يكون المثل مثلا للنور