في الصلاة : أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ، وقوله تعالى : « وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ » طه : ١٠٨.
والخشوع بهذا المعنى جامع لجميع المعاني التي فسر بها الخشوع في الآية ، كقول بعضهم : هو الخوف وسكون الجوارح ، وقول آخرين : غض البصر وخفض الجناح ، أو تنكيس الرأس ، أو عدم الالتفات يمينا وشمالا ، أو إعظام المقام وجمع الاهتمام ، أو التذلل إلى غير ذلك.
وهذه الآية إلى تمام ثماني آيات تذكر من أوصاف المؤمنين ما يلازم كون وصف الإيمان حيا فعالا يترتب عليه آثاره المطلوبة منه ليترتب عليه الغرض المطلوب منه وهو الفلاح فإن الصلاة توجه ممن ليس له إلا الفقر والذلة إلى ساحة العظمة والكبرياء ومنبع العزة والبهاء ولازمه أن يتأثر الإنسان الشاعر بالمقام فيستغرق في الذلة والهوان وينتزع قلبه عن كل ما يلهوه ويشغله عما يهمه ويواجهه ، فلو كان إيمانه إيمانا صادقا جعل همه حين التوجه إلى ربه هما واحدا وشغله الاشتغال به عن الالتفات إلى غيره فما ذا يفعل الفقير المحض إذا لقي غني لا يقدر بقدر؟ والذليل إذا واجه عزة مطلقة لا يشوبها ذلة وهوان؟
وهذا معنى قوله صلىاللهعليهوآله في حديث حارثة بن النعمان المروي في الكافي ، وغيره : إن لكل حق حقيقة ولكل صواب نورا. الحديث.
كلام في معنى تأثير الإيمان
الدين ـ كما تقدم مرارا ـ السنة الاجتماعية التي يسير بها الإنسان في حياته الدنيوية الاجتماعية ، والسنن الاجتماعية متعلقة بالعمل مبنيا على أساس الاعتقاد في حقيقة الكون والإنسان الذي هو جزء من أجزائه ، ومن هنا ما نرى أن السنن الاجتماعية تختلف باختلاف الاعتقادات فيما ذكر.
فمن يثبت للكون ربا يبتدئ منه وسيعود إليه وللإنسان حياة باقية لا تبطل بموت ولا فناء يسير في الحياة سيرة يراعي في الأعمال الجارية فيها سعادة الحياة الباقية والتنعم في الدار الآخرة الخالدة.