والقرآن الكريم ينزه ساحته عليهالسلام عن أول الرميتين بما ينزه به ساحة جميع الأنبياء بالنص على هدايتهم وعصمتهم وقال فيه خاصة : « وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ » بقرة : ١٠٢.
وعن الثانية بما يحكيه من دعائه عليهالسلام لما سمع قول النملة : « رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ » النمل : ١٩ ، فقد بينا في تفسيره أن فيه دلالة على أن والدته كانت من أهل الصراط المستقيم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
٤ _ الروايات الواردة في قصصه عليهالسلام : الأخبار المروية في قصصه وخاصة في قصة الهدهد وما يتبعها من أخباره مع ملكة سبإ يتضمن أكثرها أمورا غريبة قلما يوجد نظائرها في الأساطير الخرافية يأباها العقل السليم ويكذبها التاريخ القطعي وأكثرها مبالغة ما روي عن أمثال كعب ووهب.
وقد بلغوا من المبالغة أن ما رووا أنه عليهالسلام ملك جميع الأرض ، وكان ملكه سبعمائة سنة ، وأن جميع الإنس والجن والوحش والطير كانوا جنوده ، وأنه كان يوضع في مجلسه حول عرشه ستمائة ألف كرسي يجلس عليها ألوف من النبيين ومئات الألوف من أمراء الإنس والجن.
وأن ملكة سبإ كانت أمها من الجن ، وكانت قدمها كحافر الحمارة وكانت تستر قدميها عن أعين النظار حتى كشفت عن ساقيها حينما أرادت دخول الصرح فبان أمرها ، وقد بلغ من شوكتها أنه كان تحت يدها أربعمائة ملك كل ملك على كورة تحت يد كل ملك أربعمائة ألف مقاتل ولها ثلاثمائة وزير يدبرون ملكها ولها اثنا عشر ألف قائد تحت يد كل قائد اثنا عشر ألف مقاتل إلى غير ذلك من أعاجيب الأخبار التي لا يسعنا إلا أن نعدها من الإسرائيليات ونصفح عنها (١).
__________________
(١) وعلى من يريد الوقوف عليها أن يراجع جوامع الأخبار كالدر المنثور والعرائس والبحار ومطولات التفاسير.