تسد سبيله بالجملة ولم تمنع عنه ذلك المنع لكنها مع ذلك لا تستحسنه لما ترى من مضادته العميقة لتكون البيوت وازدياد النفوس وبقاء النسل ، وتحتال إلى تقليله بلطائف الحيل وتروج سنة الازدواج وتدعو إلى تكثير الأولاد بجعل الجوائز وترفيع الدرجات وغير ذلك من المشوقات.
غير أنه على الرغم من كون سنة الازدواج الدائم سنة قانونية متبعة في جميع المجتمعات الإنسانية في العالم وتحريض الدول عليها واحتيالها لتضعيف أمر الزنا وصرف الناس لا سيما الشبان والفتيات عنه لا يزال يوجد في جميع البلاد صغيرتها وكبيرتها معاهد لهذا العمل الهادم لبنية المجتمع علنية أو سرية على اختلاف السنن الجارية فيها.
وهذا أوضح حجة على أن سنة الازدواج الدائم لا تفي برفع هذه الحاجة الحيوية للنوع ، وأن الإنسانية بعد في حاجة إلى تتميم نقيصتها هذه ، وأن من الواجب على من بيده زمام التقنين أن يتوسع في أمر الازدواج.
ولذلك شفع شارع الإسلام سنة الازدواج الدائم بسنة الازدواج الموقت تسهيلا للأمر وشرط فيه شروطا ترتفع بها محاذير الزنا من اختلاط المياه واختلال الأنساب والمواريث وانهدام البيوت وانقطاع النسل وعدم لحوق الأولاد وهي اختصاص المرأة بالرجل والعدة إذا افترقا ولحوق الأولاد ثم لها ما اشترطت على زوجها وليس فيه على الرجل شيء من كلفة الازدواج الدائم ومشقته.
ولعمر الحق إنها لمن مفاخر الإسلام في شريعته السهلة السمحة نظير الطلاق وتعدد الزوجات وكثير من قوانينه ولكن ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يسمعون يقول القائل : لئن أزني أحب إلي من أن أتمتع أو أمتع.
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً