قوله تعالى : « أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ » الظاهر أن الاستفهام للإنكار و « ما » موصولة والمراد بها النعم التي يفصلها بعد قوله : « فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ » إلخ ، و « هاهُنا » إشارة إلى المكان الحاضر القريب وهو أرض ثمود و « آمِنِينَ » حال من نائب فاعل « تُتْرَكُونَ ».
والمعنى : لا تتركون في هذه النعم التي أحاطت بكم في أرضكم هذه وأنتم مطلقو العنان لا تسألون عما تفعلون آمنون من أي مؤاخذة إلهية.
قوله تعالى : « فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ » بيان تفصيلي لقوله : « فِي ما هاهُنا » ، وقد خص النخل بالذكر مع دخوله في الجنات لاهتمامهم به ، والطلع في النخل كالنور في سائر الأشجار والهضيم ـ على ما قيل ـ المتداخل المنضم بعضه إلى بعض.
قوله تعالى : « وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ » قال الراغب : الفره ـ بالفتح فالكسر صفة مشبهة ـ الأشر ، وقوله تعالى : « وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ » أي حاذقين وقيل : معناه أشرين. انتهى ملخصا ، وعلى ما اختاره تكون الآية من بيان النعمة ، وعلى المعنى الآخر تكون مسوقة لإنكار أشرهم وبطرهم. والآية على أي حال في حيز الاستفهام.
قوله تعالى : « فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ » تفريع على ما تقدم من الإنكار الذي في معنى المنفي.
قوله تعالى : « وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ » الظاهر أن المراد بالأمر ما يقابل النهي بقرينة النهي عن طاعته وإن جوز بعضهم كون الأمر بمعنى الشأن وعليه يكون المراد بطاعة أمرهم تقليد العامة واتباعهم لهم في أعمالهم وسلوكهم السبل التي يستحبون لهم سلوكها.
والمراد بالمسرفين على أي حال أشراف القوم وعظماؤهم المتبوعون والخطاب للعامة التابعين لهم وأما السادة الأشراف فقد كانوا مأيوسا من إيمانهم واتباعهم للحق.