( بيان )
تشير الآيات إلى قصة لوط النبي عليهالسلام وهو بعد صالح عليهالسلام.
قوله تعالى : « كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ـ إلى قوله ـ رَبِّ الْعالَمِينَ » ، تقدم تفسيره.
قوله تعالى : « أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ » الاستفهام للإنكار والتوبيخ والذكران جمع ذكر مقابل الأنثى وإتيانهم كناية عن اللواط وقد كان شاع فيما بينهم ، والعالمين جمع عالم وهو الجماعة من الناس.
وقوله : « مِنَ الْعالَمِينَ » يمكن أن يكون متصلا بضمير الفاعل في « تَأْتُونَ » والمراد أتأتون أنتم من بين العالمين هذا العمل الشنيع؟ فيكون في معنى قوله في موضع آخر : « ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ » الأعراف : ٨٠ ، العنكبوت ـ ٢٨.
ويمكن أن يكون متصلا بقوله : « الذُّكْرانَ » والمعنى على هذا أتنكحون من بين العالمين ـ على كثرتهم واشتمالهم على النساء ـ الرجال فقط؟.
قوله تعالى : « وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ » إلخ « تَذَرُونَ » بمعنى تتركون ولا ماضي له من مادته.
والمتأمل في خلق الإنسان وانقسام أفراده إلى صنفي الذكر والأنثى وما جهز به كل من الصنفين من الأعضاء والأدوات وما يختص به من الخلقة لا يرتاب في أن غرض الصنع والإيجاد من هذا التصوير المختلف وإلقاء غريزة الشهوة في القبيلين وتفريق أمرهما بالفعل والانفعال أن يجمع بينهما بالنكاح ليتوسل بذلك إلى التناسل الحافظ لبقاء النوع حتى حين.
فالرجل من الإنسان بما هو رجل مخلوق للمرأة منه لا لرجل مثله والمرأة من الإنسان بما هي امرأة مخلوقة للرجل منه لا لامرأة مثلها وما يختص به الرجل في خلقته للمرأة وما تختص به المرأة في خلقتها للرجل وهذه هي الزوجية الطبيعية التي عقدها الصنع والإيجاد بين الرجل والمرأة من الإنسان فجعلهما زوجين.