أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ » الأعراف : ٧٦.
ومن هنا يظهر أن أحد الفريقين جمع من المستضعفين آمنوا به والآخر المستكبرون وباقي المستضعفين ممن اتبعوا كبارهم.
قوله تعالى : « قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ » إلخ الاستعجال بالسيئة قبل الحسنة المبادرة إلى سؤال العذاب قبل الرحمة التي سببها الإيمان والاستغفار.
وبه يظهر أن صالحا عليهالسلام إنما وبخهم بقوله هذا بعد ما عقروا الناقة وقالوا له : ( يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) فيكون قوله : « لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » تحضيضا إلى الإيمان والتوبة لعل الله يرحمهم فيرفع عنهم ما وعدهم من العذاب وعدا غير مكذوب.
قوله تعالى : « قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ » إلخ التطير هو التشؤم ، وكانوا يتشأمون كثيرا بالطير ولذا سموا التشؤم تطيرا ونصيب الإنسان من الشر طائرا كما قيل.
فقولهم خطابا لصالح : « اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ » أي تشأمنا بك وبمن معك ممن آمن بك ولزمك لما أن قيامك بالدعوة وإيمانهم بك قارن ما ابتلينا به من المحن والبلايا فلسنا نؤمن بك.
وقوله خطابا للقوم : « طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ » أي نصيبكم من الشر وهو الذي تستوجبه أعمالكم من العذاب عند الله سبحانه.
ولذا أضرب عن قوله : « طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ » بقوله : « بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ » أي تختبرون بالخير والشر ليمتاز مؤمنكم من كافركم ومطيعكم من عاصيكم.
ومعنى الآية : قال القوم : تطيرنا بك يا صالح وبمن معك فلن نؤمن ولن نستغفر قال صالح : طائركم الذي فيه نصيبكم من الشر عند الله وهو كتاب أعمالكم ولست أنا ومن معي ذوي أثر فيكم حتى نسوق إليكم هذه الابتلاءات بل أنتم قوم تختبرون وتمتحنون بهذه الأمور ليمتاز مؤمنكم من كافركم ومطيعكم من عاصيكم.
وربما قيل : إن الطائر هو السبب الذي منه يصيب الإنسان ما يصيبه من الخير