من القوى والأدوات بما يرتفع بفعاليته حوائجه ويسلك به سبيل الكمال ومنه يستنتج أن للجهازات التكوينية التي جهز بها الإنسان اقتضاءات للقضايا العملية المسماة بالسنين والقوانين التي بالعمل بها يستقر الإنسان في مقر كماله مثل السنن والقوانين الراجعة إلى التغذي المعتبرة بما أن الإنسان مجهز بجهاز التغذي والراجعة إلى النكاح بما أن الإنسان مجهز بجهاز التوالد والتناسل.
فتبين أن من الواجب أن يتخذ الدين ـ أي الأصول العلمية والسنن والقوانين العملية التي تضمن باتخاذها والعمل بها سعادة الإنسان الحقيقية ـ من اقتضاءات الخلقة الإنسانية وينطبق التشريع على الفطرة والتكوين ، وهذا هو المراد بكون الدين فطريا وهو قوله تعالى : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ».
٤ ـ قد عرفت معنى كون الدين فطريا فالإسلام يسمى دين الفطرة لما أن الفطرة الإنسانية تقتضيه وتهدي إليه.
ويسمى إسلاما لما أن فيه تسليم العبد لإرادة الله سبحانه منه ، ومصداق الإرادة وهي صفة الفعل تجمع العلل المؤلفة من خصوص خلقة الإنسان وما يحتف به من مقتضيات الكون العام على اقتضاء الفعل أو الترك قال تعالى : « إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ».
ويسمى دين الله لأنه الذي يريده الله من عباده من فعل أو ترك ، بما مر من معنى الإرادة.
ويسمى سبيل الله لما أنه السبيل التي أرادها الله أن يسلكها الإنسان لتنتهي به إلى كماله وسعادته ، قال تعالى : « الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً » الأعراف : ٤٥.
وأما أن الدين الحق يجب أن يؤخذ من طريق الوحي والنبوة ولا يكفي فيه العقل فقد تقدم بيانه في مباحث النبوة وغيرها من مباحث الكتاب.
( ١٦ ـ الميزان ـ ١٣ )