البحر والنهر ، وقول بعضهم : البر البرية والبحر المواضع المخصبة الخضرة ، وقول بعضهم : إن هناك مضافا محذوفا والتقدير في البر ومدن البحر ، ولعل الذي دعاهم إلى هذه الأقاويل ما ورد أن الآية ناظرة إلى القحط الذي وقع بمكة إثر دعاء النبي صلىاللهعليهوآله على قريش لما لجوا في كفرهم وداموا على عنادهم فأرادوا تطبيق الآية على سبب النزول فوقعوا فيما وقعوا من التكلف.
وقول بعضهم : إن المراد بالفساد في البر قتل ابن آدم أخاه وفي البحر أخذ كل سفينة غصبا وهو كما ترى.
قوله تعالى : « قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ » أمر للنبي صلىاللهعليهوآله أن يأمرهم أن يسيروا في الأرض فينظروا إلى آثار الذين كانوا من قبل حيث خربت ديارهم وعفت آثارهم وبادوا عن آخرهم وانقطع دابرهم بأنواع من النوائب والبلايا كان أكثرهم مشركين فأذاقهم الله بعض ما عملوا ليعتبر به المعتبرون فيرجعوا إلى التوحيد ، فالآية في مقام الاستشهاد لمضمون الآية السابقة.
قوله تعالى : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ » تفريع على ما تقدمه أي إذا كان الشرك والكفر بالحق بهذه المثابة وله وبال سيلحق بالمتلبس به فأقم وجهك للدين القيم.
وقوله : « مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ » متعلق بقوله : « فَأَقِمْ » والمرد مصدر ميمي بمعنى الرد وهو بمعنى الراد واليوم الذي لا مرد له من الله يوم القيامة.
وقوله : « يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ » أصله يتصدعون ، والتصدع في الأصل تفرق أجزاء الأواني ثم استعمل في مطلق التفرق كما قيل ، والمراد به ـ كما قيل ـ تفرقهم يومئذ إلى الجنة والنار.
وقيل : المراد تفرق الناس بأشخاصهم كما يشير إليه قوله تعالى : « يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ ». : القارعة : ٤ ولكل وجه ، ولعل الأظهر امتياز الفريقين كما سيأتي.
قوله تعالى : « مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ » الظاهر أنه تفسير لقوله في الآية السابقة : « يَتَفَرَّقُونَ » وقوله : « مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ » أي وبال