مستندا إلى اختيار الناس أو غير مستند إليه. فكل ذلك فساد ظاهر في البر أو البحر مخل بطيب العيش الإنساني.
وقوله : « بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ » أي بسبب أعمالهم التي يعملونها من شرك أو معصية وقد تقدم في تفسير قوله تعالى : « وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ » ، الآية : الأعراف : ٩٦ وأيضا في مباحث النبوة من الجزء الثاني من الكتاب أن بين أعمال الناس والحوادث الكونية رابطة مستقيمة يتأثر إحداهما من صلاح الأخرى وفسادها.
وقوله : « لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا » اللام للغاية ، أي ظهر ما ظهر لأجل أن يذيقهم الله وبال بعض أعمالهم السيئة بل ليذيقهم نفس ما عملوا وقد ظهر في صورة الوبال وإنما كان بعض ما عملوا لأن الله سبحانه برحمته يعفو عن بعض كما قال : « وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ » الشورى : ٣٠.
والآية ناظرة إلى الوبال الدنيوي وإذاقة بعضه لأكله من غير نظر إلى وبال الأعمال الأخروي فما قيل : إن المراد إذاقة الوبال الدنيوي وتأخير الوبال الأخروي إلى يوم القيامة لا دليل عليه ولعله جعل تقدير الكلام : « ليذيقهم بعض جزاء ما عملوا مع أن التقدير « ليذيقهم جزاء بعض ما عملوا » ، لأن الذي يحوجنا إلى تقدير المضاف ـ لو أحوجنا ـ هو أن الراجع إليهم ثانيا في صورة الفساد هو جزاء أعمالهم لا نفس أعمالهم فالذي أذيقوا هو جزاء بعض ما عملوا لا بعض جزاء ما عملوا.
وقوله : « لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » أي يذيقهم ما يذيقهم رجاء أن يرجعوا من شركهم ومعاصيهم إلى التوحيد والطاعة.
ووجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما احتج في الآية السابقة على التوحيد ونزهه عن شركهم أشار في هذه الآية إلى ما يستتبع الشرك ـ وهو معصية ـ من الفساد في الأرض وإذاقة وبال السيئات فبين ذلك بيان عام.
ولهم في الآية تفاسير مختلفة عجيبة كقول بعضهم المراد بالأرض أرض مكة وقول بعضهم : المراد بالبر القفار التي لا يجري فيها نهر وبالبحر كل قرية على شاطئ نهر عظيم ، وقول بعضهم : البر الفيافي ومواضع القبائل والبحر السواحل والمدن التي عند