الأليم إلى تبشير المحسنين وتطييب أنفسهم بجنة النعيم الخالدة الموعودة من قبله تعالى ووعده الحق.
ولما كان غرض من اشترى لهو الحديث أن يلتبس الأمر على من يضله بغير علم فيحسب القرآن من الأساطير الباطلة كأساطيره ويهين به وكان لا يعتني بما تتلى عليه من الآيات مستكبرا وذلك استهانة بالله سبحانه أكد أولا ما وعده للمحسنين بقوله : « وَعْدَ اللهِ حَقًّا » ثم وصف ثانيا نفسه بالعزة المطلقة ، فلا يطرأ عليه ذلة وأهانه والحكمة المطلقة فلا يداخل كلامه باطل ولا هزل وخرافة.
ثم وصفه ثالثا بأنه الذي يدبر أمر السماء والأرض والنبات والحيوان والإنسان لأنه خالقها فله أن يعد هؤلاء بالجنة وأولئك بالعذاب وهو قوله : « خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها » إلخ.
قوله تعالى : « خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها » إلخ ، تقدم في تفسير قوله تعالى : « اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها » الرعد : ٢ أن قوله : « تَرَوْنَها » يحتمل أن يكون قيدا توضيحيا ، والمعنى أنكم ترونها ولا أعمدة لها ، وأن يكون قيدا احترازيا والمعنى خلقها بغير أعمدة مرئية إشعارا بأن هناك أعمدة غير مرئية.
وقوله : « وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ » ، أي ألقى فيها جبالا شامخة لئلا تضطرب بكم وفيه إشعار بأن بين الجبال والزلازل رابطة مستقيمة.
وقوله : « وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ » أي نشر في الأرض من كل حيوان يدب عليها.
وقوله : « وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ » أي وأنزلنا من جهة العلو ماء وهو المطر وأنبتنا فيها شيئا من كل زوج نباتي شريف فيه منافع وله فوائد ، وفيه إشارة إلى تزوج النبات وقد تقدم الكلام فيه في نظيره.
والالتفات فيها من الغيبة إلى التكلم مع الغير للإشارة إلى كمال العناية بأمره كما قيل.
قوله تعالى : « هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ » ، لما أراهم خلقه وتدبيره تعالى للسماوات والأرض وما عليها فأثبت به ربوبيته وألوهيته تعالى كلفهم أن يروه شيئا من خلق آلهتهم إن كانوا آلهة وأربابا فإن