وَسَمِعْنا » ومسألتهم الرجوع للعمل الصالح لما ينجلي لهم أن النجاة في الإيمان والعمل الصالح وقد حصل لهم الإيمان اليقيني وبقي العمل الصالح ولذا يعترفون باليقين ويسألون الرجوع إلى الدنيا ليعملوا صالحا فيتم لهم سببا النجاة.
والمعنى : ولو ترى إذ هؤلاء الذين يجرمون بإنكار لقاء الله مطرقوا رءوسهم عند ربهم في موقف اللقاء من الخزي والذل والندم يقولون ربنا أبصرنا بالمشاهدة وسمعنا بالطاعة فارجعنا نعمل عملا صالحا إنا موقنون والمحصل أنك تراهم يجحدون اللقاء ولو تراهم إذ أحاط بهم الخزي والذل فنكسوا رءوسهم واعترفوا بما ينكرونه اليوم وسألوا العود إلى هاهنا ولن يعودوا.
قوله تعالى : « وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها » إلى آخر الآية أي لو شئنا أن نعطي كل نفس أعم من المؤمنة والكافرة الهدى الذي يختص بها ويناسبها لأعطيناه لها بأن نشاء من طريق اختيار الكافر وإرادته أن يتلبس بالهدى فيتلبس بها من طريق الاختيار والإرادة كما شئنا في المؤمن كذلك فتلبس بالهدى باختيار منه وإرادة من دون أن ينجر إلى الإلجاء والاضطرار فيبطل التكليف ويلغو الجزاء.
وقوله : « وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » أي ولكن هناك قضاء سابق مني محتوم وهو إملاء جهنم من الجنة والناس أجمعين وهو قوله لإبليس لما امتنع من سجدة آدم وقال : « فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ » : « فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ » ص : ٨٥ فقضى أن يدخل متبعي إبليس العذاب المخلد.
ولازم ذلك أن لا يهديهم لظلمهم وفسقهم بالخروج عن زي العبودية كما قال : « إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » « وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ » التوبة : ٨٠ إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى : « فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ » إلى آخر الآية ، تفريع على قوله : « وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي » والنسيان ذهول صورة الشيء عن الذاكرة ويكنى به عن عدم الاعتناء بما يهم الشيء وهو المراد في الآية.
والمعنى : فإذا كان من القضاء إذاقة العذاب لمتبعي إبليس فذوقوا العذاب بسبب