خالقها وخالق النظام الذي يجري عليها.
وبذلك يظهر أن المراد بالناس المخاطبين الوثنيون وغيرهم ممن اتخذ لله شريكا.
وقوله : « اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ » المراد بالذكر ما يقابل النسيان دون الذي الذكر اللفظي.
وقوله : « هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ » الرزق هو ما يمد به البقاء ومبدؤه السماء بواسطة الأشعة والأمطار وغيرهما والأرض بواسطة النبات والحيوان وغيرهما.
وبذلك يظهر أيضا أن في الآية إيجازا لطيفا فقد بدلت الرحمة في الآية السابقة نعمة في هذه الآية أولا ثم النعمة رزقا ثانيا وكان مقتضى سياق الآيتين أن يقال : هل من رازق أو هل من منعم أو هل من راحم لكن بدل ذلك من قوله : « هَلْ مِنْ خالِقٍ » ليكون إشارة إلى برهان ثان ينقطع به الخصام ، فإنهم يرون تدبير العالم لآلهتهم بإذن الله فلو قيل : هل من رازق أو منعم غير الله لم ينقطع الخصام وأمكن أن يقولوا نعم آلهتنا بتفويض التدبير من الله إليهم لكن لما قيل : « هَلْ مِنْ خالِقٍ » أشير بالوصف إلى أن الرازق والمدبر هو خالق الرزق لا غير فانقطع الخصام ولم يمكنهم إلا أن يجيبوا بنفي خالق غير الله يرزقهم من السماء والأرض.
وقوله : « لا إِلهَ إِلَّا هُوَ » اعتراض بالتوحيد يفيد التعظيم نظير قوله : « وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ ».
أي لا معبود بالحق إلا هو لأن المستحق للعبادة هو الذي ينعم عليكم ويرزقكم وليس إلا الله.
وقوله : « فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ » توبيخ متفرع على ما سبغ من البرهان أي فإذا كان الأمر هكذا وأنتم تقرون بذلك فإلى متى تصرفون عن الحق إلى الباطل ومن التوحيد إلى الإشراك.
وفي إعراب الآية أعني قوله : « هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ » إلخ. بين القوم مشاجرات طويلة والذي يناسب ما تقدم من تقرير البرهان أن « مِنْ » زائدة للتعميم ، وقوله :