والمعنى فإنكم وآلهة الضلال التي تعبدونها لستم جميعا بمضلين أحدا على الله إلا من هو متبع الجحيم.
وقيل : إن « ما » الأولى مصدرية أو موصولة وجملة « فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ » كلام » تام مستقل من قبيل قولهم : أنت وشأنك والمعنى فإنكم وما تعبدون متقارنان ثم استونف وقيل : « ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ » و « بِفاتِنِينَ » مضمن معنى الحمل وضمير « عَلَيْهِ » راجع إلى « ما تَعْبُدُونَ » إن كانت ما مصدرية وإلى « ما » بتقدير مضاف إن كانت موصولة والمعنى ما أنتم بحاملين على عبادتكم أو على عبادة ما تعبدونه إلا من هو صال الجيم.
قيل : ويمكن أن يكون « على » بمعنى الباء والضمير لما تعبدون أو لما أن كانت موصولة و « بِفاتِنِينَ » على ظاهر معناه من غير تضمين ، والمعنى ما أنتم بمضلين أحدا بعبادتكم أو بعبادة ما تعبدونه إلا « إلخ ».
وهذه كلها تكلفات من غير موجب والكلام فيما في الآية من الالتفات كالكلام فيما سبق منه.
قوله تعالى : « وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ » الآيات الثلاث ـ على ما يعطيه السياق ـ اعتراض من كلام جبرئيل أو هو وأعوانه من ملائكة الوحي نظير قوله تعالى في سورة مريم : « وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ » الخ : مريم : ـ ٦٤.
وقيل : هي من كلام الرسول صلىاللهعليهوآله يصف نفسه والمؤمنين به للكافرين تبكيتا لهم وتقريعا وهو متصل بقوله : « فَاسْتَفْتِهِمْ » والتقدير فاستفتهم وقل : ما منا معشر المسلمين إلا له مقام معلوم على قدر أعماله يوم القيامة وإنا لنحن الصافون في الصلاة وإنا لنحن المسبحون. وهو تكلف لا يلائمه السياق.
والآيات الثلاث مسوقة لرد قولهم بألوهية الملائكة بإيراد نفس اعترافهم بما ينتفي به قول الكفار وهم لا ينفون العبودية عن الملائكة بل يرون أنهم مربوبون لله سبحانه أرباب وآلهة لمن دونهم يستقلون بالتصرف فيما فوض إليهم من أمر العالم من غير أن يرتبط شيء من هذا التدبير إلى الله سبحانه وهذا هو الذي ينفيه الملائكة عن أنفسهم لا كونهم أسبابا متوسطة بينه تعالى وبين خلقه كما قال تعالى « بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ