شكر نعمة أيوب حسده إبليس.
فقال : يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة ـ إلا بما أعطيته من الدنيا ـ ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا ـ فسلطني على دنياه ـ حتى تعلم أنه لم يؤد إليه شكر نعمة أبدا ـ فقيل له : قد سلطتك على ماله وولده ـ.
قال : فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا إلا أعطبه ـ فازداد أيوب لله شكرا وحمدا ، وقال : فسلطني على زرعه يا رب. قال : قد فعلت فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق ـ فازداد أيوب لله شكرا وحمدا ـ فقال : يا رب سلطني على غنمه فأهلكها ـ فازداد أيوب لله شكرا وحمدا ـ.
فقال : يا رب سلطني على بدنه ـ فسلطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه ـ فنفخ فيه إبليس ـ فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه ـ فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد الله ويشكره ـ حتى وقع في بدنه الدود فكانت تخرج من بدنه ـ فيردها فيقول لها : ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه ، ونتن حتى أخرجه أهل القرية من القرية ـ وألقوه في المزبلة خارج القرية ـ.
وكانت امرأته رحمة بنت أفراييم ـ بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهالسلام ـ وعليها يتصدق من الناس وتأتيه بما تجده ـ.
قال : فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره ـ أتى أصحابا لأيوب كانوا رهبانا في الجبال وقال لهم : مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته ـ فركبوا بغالا شهبا وجاءوا ـ فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه ـ فنظر بعضهم إلى بعض ثم مشوا إليه ـ وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا : يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله يهلكنا إذا سألناه ، وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد ـ إلا من أمر كنت تستره ـ.
فقال أيوب : وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما ـ إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة الله ـ إلا أخذت بأشدهما على بدني. فقال الشاب : سوأة لكم عيرتم نبي الله ـ حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها ـ.
فقال أيوب : يا رب ـ لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي ـ فبعث الله إليه