وعلى هذا فالمراد بالمتقين هم المذكورون من الأنبياء بالخصوص أو عموم أهل التقوى وهم داخلون فيهم ويكون ذكر مآب الطاغين بعد من باب الاستطراد.
والظاهر أن الإشارة بهذا إلى القرآن والمراد بالذكر ما يشتمل عليه من الذكر وفي الكلام عود إلى ما بدئ به في السورة من قوله « وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ » فهو فصل من الكلام يذكر فيه الله سبحانه ما في الدار الآخرة من ثواب المتقين وعقاب الطاغين.
وقوله : « وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ » المآب المرجع والتنكير للتفخيم ، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ » أي جنات استقرار وخلود وكون الأبواب مفتحة لهم كناية عن أنهم غير ممنوعين عن شيء من النعم الموجودة فيها فهي مهيأة لهم مخلوقة لأجلهم ، وقيل : المراد أن أبوابها مفتحة لهم لا تحتاج إلى الوقوف وراءها ودقها ، وقيل : المراد أنها تفتح بغير مفتاح وتغلق بغير مغلاق.
والآية وما بعدها بيان لحسن مآبهم.
قوله تعالى : « مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ » أي حال كونهم جالسين فيها بنحو الاتكاء والاستناد جلسة الأعزة والأشراف.
وقوله : « يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ » إلخ أي يتحكمون فيها بدعوة الفاكهة وهي كثيرة والشراب فإذا دعيت فاكهة أو دعي شراب أجابهم المدعو فأتاهم من غير حاجة إلى من يحمله ويناوله.
قوله تعالى : « وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ » الضمير للمتقين وقاصرات الطرف صفة قائمة مقام الموصوف والتقدير وعندهم أزواج قاصرات الطرف والمراد قصور طرفهن على أزواجهن يرضين بهم ولا يرون غيرهم أو هو كناية عن كونهن ذوات غنج ودلال.
والأتراب الأقران أي أنهن أمثال لا يختلفن سنا أو جمالا أو أنهن أمثال لأزواجهن فكلما زادوا نورا وبهاء زدن حسنا وجمالا.
قوله تعالى : « هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ » الإشارة إلى ما ذكر من الجنة ونعيمها ، والخطاب للمتقين ففي الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب والنكتة فيه