« قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ ـ إلى قوله ـ قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ».
ثم يقول : « إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ » إلخ ثم يقول : « أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ » ثم يقول : « قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ » ثم يقول : « قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ » إلى غير ذلك من الإشارات.
ثم عمم الاحتجاج على توحده تعالى في الربوبية والألوهية من الوحي ومن طريق البرهان وقايس بين المؤمنين والمشركين مقايسات لطيفة فوصف المؤمنين بأجمل أوصافهم وبشرهم بما سيثيبهم في الآخرة مرة بعد مرة وذكر المشركين وأنذرهم بما سيلحقهم من الخسران وعذاب الآخرة مضافا إلى ما يصيبهم في الدنيا من وبال أمرهم كما أصاب الذين كذبوا من الأمم الدارجة من عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر.
ومن ثم وصفت السورة يوم البعث وخاصة في مختتمها بأوضح الوصف وأتمه.
والسورة مكية لشهادة سياق آياتها بذلك وكأنها نزلت دفعة واحدة لما بين آياتها من الاتصال.
والآيات العشر المنقولة تجمع الدعوة من طريق الوحي والحجة العقلية بادئة بالنبي صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : « تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ » « تَنْزِيلُ الْكِتابِ » خبر لمبتدإ محذوف ، وهو مصدر بمعنى المفعول فيكون إضافته إلى الكتاب من إضافة الصفة إلى موصوفها و « مِنَ اللهِ » متعلق بتنزيل والمعنى هذا كتاب منزل من الله العزيز الحكيم.
وقيل : « تَنْزِيلُ الْكِتابِ » مبتدأ و « مِنَ اللهِ » خبره ولعل الأول أقرب إلى الذهن.
قوله تعالى : « إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ » عبر بالإنزال دون التنزيل كما في الآية السابقة لأن القصد إلى بيان كونه بالحق وهو يناسب مجموع ما نزل إليه من ربه.
وقوله : « بِالْحَقِ » الباء فيه للملابسة أي أنزلناه إليك متلبسا بالحق فما فيه من الأمر بعبادة الله وحده حق ، وعلى هذا المعنى فرع عليه قوله : « فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ