فيهما وهو كذلك فإن الفعل والانفعال والتأثير والتأثر دائر بين أجزاء العالم المشهود.
وفي قوله : « فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ » تلويح على أي حال إلى كون « ثُمَ » في قوله : « ثُمَّ اسْتَوى » للتراخي بحسب رتبة الكلام.
قوله تعالى : « فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها » الأصل في معنى القضاء فصل الأمر ، وضمير « فَقَضاهُنَ » للسماء على المعنى ، و « سَبْعَ سَماواتٍ » حال من الضمير و « فِي يَوْمَيْنِ » متعلق بقضاهن فتفيد الجملة أن السماء لما استوى سبحانه إليها وهي دخان كان أمرها مبهما غير مشخص من حيث فعلية الوجود ففصل تعالى أمرها بجعلها سبع سماوات في يومين.
وقيل : إن القضاء في الآية مضمن معنى التصيير و « سَبْعَ سَماواتٍ » مفعوله الثاني ، وقيل فيها وجوه أخر لا يهمنا إيرادها.
والآية وما قبلها ناظرة إلى تفصيل ما أجمل في قوله : « أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما » الأنبياء : ـ ٣٠.
وقوله : « وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها » قيل : المراد بأمر السماء ما تستعد له أو تقتضيه الحكمة فيها من وجود ملك أو كوكب وما أشبه ذلك ، والوحي هو الخلق والإيجاد ، والجملة معطوفة على قوله : « فَقَضاهُنَ » مقيدة بالوقت المذكور للمعطوف عليه ، والمعنى وخلق في كل سماء ما فيها من الملائكة والكواكب وغيرها.
وأنت خبير بأن إرادة الخلق من الوحي وأمثال الملك والكوكب من الأمر تحتاج إلى عناية زائدة لا تثبت إلا بدليل بين ، وكذا تقيد الجملة المعطوفة بالوقت المذكور في المعطوف عليها.
وقيل : المراد بالأمر التكليف الإلهي المتوجه إلى أهل كل سماء من الملائكة والوحي بمعناه المعروف والمعنى وأوحى إلى أهل كل سماء من الملائكة ما أمرهم به من العبادة.
وفيه أن ظاهر الآية وقد قال تعالى : « فِي كُلِّ سَماءٍ » ولم يقل : إلى كل سماء لا يوافقه تلك الموافقة.
وقيل : المراد بأمرها ما أراده الله منها ، وهذا الوجه في الحقيقة راجع إلى أحد