على « لِتُنْذِرَ » السابق وهو من عطف الخاص على العام لأهميته كأنه قيل : لتنذر الناس وتخوفهم من الله وخاصة من سخطه يوم الجمع.
وقوله : « يَوْمَ الْجَمْعِ » مفعول ثان لقوله : « لِتُنْذِرَ » وليس بظرف له وهو ظاهر ، ويوم الجمع هو يوم القيامة قال تعالى : « ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ـ إلى أن قال ـ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ » هود : ١٠٥.
وقوله : « فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ » في مقام التعليل ودفع الدخل كأنه قيل : لما ذا ينذرهم يوم الجمع؟ فقيل : « فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ » أي إنهم يتفرقون فريقين : سعيد مثاب وشقي معذب فلينذروا حتى يتحرزوا سبيل الشقاء والهبوط في مهبط الهلكة.
قوله تعالى : « وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً » إلى آخر الآية لما كانت الآية مسوقة لبيان لزوم الإنذار والنبوة من جهة تفرق الناس فريقين يوم القيامة كان الأسبق إلى الذهن من جعلهم أمة واحدة مطلق رفع التفرق والتميز من بينهم بتسويتهم جميعا على صفة واحدة من غير فرق وميز ، ولم تقع عند ذلك حاجة إلى النبوة والإنذار.
وقوله : « وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ » استدراك يبين فيه أن سنته تعالى جرت على التفريق ولم يشأ جعلهم أمة واحدة يدل على ذلك قوله : « يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ » الدال على الاستمرار ، ولم يقل : ولكن أدخل ونحوه.
وقد قوبل في الآية قوله : « مَنْ يَشاءُ » بقوله : « وَالظَّالِمُونَ » فالمراد بمن يشاء غير الظالمين وقد فسر الظالمين يوم القيامة بقوله : « فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ » الأعراف : ٤٥ فهم المعاندون المنكرون للمعاد.
وقوبل أيضا بين الإدخال في الرحمة وبين نفي الولي والنصير فالمدخلون في رحمته هم الذين وليهم الله ، والذين ما لهم من ولي ولا نصير هم الذين لا يدخلهم الله في رحمته ، وأيضا الرحمة هي الجنة وانتفاء الولاية والنصرة يلازم السعير.
فمحمل معنى الآية : أن الله سبحانه إنما قدر النبوة والإنذار المتفرع على الوحي لمكان