تسمى فراشا ، ويناسب هذا المعنى قوله بعد : « إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً » إلخ.
قوله تعالى : « إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً » أي إنا أوجدناهن وأحدثناهن وربيناهن أحداثا وتربية خاصة ، وفيه تلويح إلى أنهن لا يختلف حالهن بالشباب والشيب وصباحة المنظر وخلافها ، وقوله : « فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً » أي خلقناهن عذارى كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا.
وقوله : « عُرُباً أَتْراباً » العرب جمع عروب وهي المتحننة إلى زوجها أو الغنجة أو العاشقة لزوجها ، والأتراب جمع ترب بالكسر فالسكون بمعنى المثل أي أنهن أمثال أو أمثال في السن لأزواجهن.
قوله تعالى : « لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ » يتضح معناه بما تقدم ، ويستفاد من الآيات أن أصحاب اليمين في الآخرين جمع كثير كالأولين لكن السابقين المقربين في الآخرين أقل جمعا منهم في الأولين.
قوله تعالى : « وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ » مبتدأ وخبر ، والاستفهام للتعجيب والتهويل ، وقد بدل أصحاب المشأمة من أصحاب الشمال إشارة إلى أنهم الذين يؤتون كتابهم بشمالهم كما مر نظيره في أصحاب اليمين.
قوله تعالى : « فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ » السموم ـ على ما في الكشاف ـ حر نار ينفذ في المسام ، والحميم الماء الشديد الحرارة ، والتنوين فيهما لتعظيم الأمر ، واليحموم الدخان الأسود ، وقوله : « لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ » الظاهر أنهما صفتان للظل لا ليحموم ، وذلك أن الظل هو الذي يتوقع منه أن يتبرد بالاستظلال به ويستراح فيه دون الدخان.
قوله تعالى : « إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ » تعليل لاستقرار أصحاب الشمال في العذاب ، والإشارة بذلك إلى ما ذكر من عذابهم يوم القيامة ، وإتراف النعمة الإنسان إبطارها وإطغاؤها له ، وذلك إشغالها نفسه بحيث يغفل عما وراءها فكون الإنسان مترفا تعلقه بما عنده من نعم الدنيا وما يطلبه منها سواء كانت كثيرة أو قليلة.
فلا يرد ما استشكل من أن كثيرا من أصحاب الشمال ليسوا من المترفين بمعنى المتوسعين في التنعم وذلك أن الإنسان محفوف بنعم ربه وليست النعمة هي المال فحسب فاشتغاله بنعم ربه عن ربه ترفه منه ، والمعنى : أنا إنما نعذبهم بما ذكر لأنهم كانوا قبل ذلك في