يُشْرِكُونَ (٤٣) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤).
( بيان )
لما أخبر عن العذاب الواقع يوم القيامة وأنه سيصيب المكذبين ، والمتقون في جنات ونعيم قريرة العيون أمر النبي صلىاللهعليهوآله أن يمضي في دعوته وتذكرته مشيرا إلى أنه صالح لإقامة الدعوة الحقة ، ولا عذر لهؤلاء المكذبين في تكذيبه ورد دعوته.
فنفى جميع الأعذار المتصورة لهم وهي ستة عشر أمرا شطر منها راجع إلى النبي صلىاللهعليهوآله لو تحقق شيء منه فيه سلب صلاحيته للاتباع وكان مانعا عن قبول قوله ككونه كاهنا أو مجنونا أو شاعرا أو متقولا مفتريا على الله وكسؤاله الأجر على دعوته وشطر منها راجع إلى المكذبين أنفسهم مثل كونهم خلقوا من غير شيء أو كونهم الخالقين أو أمر عقولهم بالتكذيب إلى غير ذلك ولا تخلو الآيات مع ذلك عن توبيخهم الشديد على التكذيب.
قوله تعالى : « فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ » تفريع على ما مر من الإخبار المؤكد بوقوع العذاب الإلهي يوم القيامة ، وأنه سيغشى المكذبين والمتقون في وقاية منه متلذذون بنعيم الجنة.
فالآية في معنى أن يقال : إذا كان هذا حقا فذكر فإنما تذكر وتنذر بالحق ولست كما يرمونك كاهنا أو مجنونا.
وتقييد النفي بقوله : « بِنِعْمَةِ رَبِّكَ » يفيد معنى الامتنان على النبي صلىاللهعليهوآله خاصة وليس هذا الامتنان الخاص من جهة مجرد انتفاء الكهانة والجنون فأكثر الناس على هذه الصفة بل من وجهه تلبسه صلىاللهعليهوآله بالنعمة الخاصة به المانع من عروض هذه الصفات عليه من كهانة أو جنون وغير ذلك.
قوله تعالى : « أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ » أم منقطعة ، والتربص