صراط الحق بذلك بل كيد من الله بقطع التوفيق عنهم والطبع على قلوبهم.
وقيل : المراد بالكيد الذي يريدونه هو ما كان منهم في حقه صلىاللهعليهوآله في دار الندوة والمراد بالذين كفروا المذكورون من المكذبين وهم أصحاب دار الندوة ، وقد قلب الله كيدهم إلى أنفسهم فقتلهم يوم بدر ، والكلام على هذا من الإخبار بالغيب لنزول السورة قبل ذلك بكثير ، وهو بعيد من السياق.
قوله تعالى : « أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » فإنهم إذا كان لهم إله غير الله كان هو الخالق لهم والمدبر لأمرهم فاستغنوا بذلك عن الله سبحانه واستجابة دعوة رسوله ونصرهم إلههم ودفع عنهم عذاب الله الذي أوعد به المكذبين وأنذرهم به رسوله.
وقوله : « سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » تنزيه له تعالى أن يكون له شريك كما يدعون ، وما في قوله : « عَمَّا يُشْرِكُونَ » مصدرية أي سبحانه عن شركهم.
قوله تعالى : « وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ » الكسف بالكسر فالسكون القطعة ، والمركوم المتراكم الواقع بعضه على بعض.
والمعنى : أن كفرهم وإصرارهم على تكذيب الدعوة الحقة بلغ إلى حيث لو رأوا قطعة من السماء ساقطا عليهم لقالوا سحاب متراكم ليست من آية العذاب في شيء فهو كقوله : « وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا » الحجر : ١٥.
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩).