ذلك ، وهم المشركون بمكة ، وكونهم عدوه من جهة اتخاذهم له شركاء يعبدونهم ولا يعبدون الله ويردون دعوته ويكذبون رسوله ، وكونهم أعداء للمؤمنين لإيمانهم بالله وتفديتهم أموالهم وأنفسهم في سبيله فمن يعادي الله يعاديهم.
وذكر عداوتهم للمؤمنين مع كفاية ذكر عداوتهم لله في سوق النهي لتأكيد التحذير والمنع كأنه قيل : من كان عدوا لله فهو عدو لكم فلا تتخذوه وليا.
وقوله : « تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ » بالمودة مفعول « تُلْقُونَ » والباء زائدة كما في قوله : « وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » البقرة : ١٩٥ ، والمراد بإلقاء المودة إظهارها أو إيصالها ، والجملة صفة أو حال من فاعل « لا تَتَّخِذُوا ».
وقوله : « وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِ » هو الدين الحق الذي يصفه كتاب الله ويدعو إليه النبي صلىاللهعليهوآله ، والجملة حالية.
وقوله : « يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ » الجملة حالية والمراد بإخراج الرسول وإخراجهم اضطرارهم الرسول والمؤمنين إلى الخروج من مكة والمهاجرة إلى المدينة ، و « أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ » بتقدير اللام متعلق بيخرجون ، والمعنى : يجبرون الرسول وإياكم على المهاجرة من مكة لإيمانكم بالله ربكم.
وتوصيف الله بقوله : « رَبِّكُمْ » للإشارة إلى أنهم يؤاخذونهم على أمر حق مفروض ليس بجرم فإن إيمان الإنسان بربه مفروض عليه وليس من الجرم في شيء.
وقوله : « إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي » متعلق بقوله : « لا تَتَّخِذُوا » وجزاء الشرط محذوف يدل عليه المتعلق ، و « جِهاداً » مصدر مفعول له ، و « ابْتِغاءَ » بمعنى الطلب و « المرضاة » مصدر كالرضا ، والمعنى : لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء إن كنتم هاجرتم للمجاهدة في سبيلي ولطلب رضاي.
وتقييد النهي عن ولائهم واشتراطه بخروجهم للجهاد وابتغائهم مرضاته من باب اشتراط الحكم بأمر محقق الوقوع تأكيدا له وإيذانا بالملازمة بين الشرط والحكم كقول الوالد لولده : إن كنت ولدي فلا تفعل كذا.
وقوله : « تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ » أسررت إليه حديثا أي أفضيت إليه في خفية فمعنى « تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ » تطلعونهم على ما تسرون من مودتهم ـ على ما قاله الراغب ـ والإعلان خلاف الإخفاء ، و « أَنَا أَعْلَمُ » إلخ ، حال من