( بيان )
السورة ترغب المؤمنين وتحرضهم على أن يجاهدوا في سبيل الله ويقاتلوا أعداء دينه ، وتنبئهم أن هذا الدين نور ساطع لله سبحانه يريد الكفار من أهل الكتاب أن يطفئوه بأفواههم والله متمه ولو كره الكافرون ، ومظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
وأن هذا النبي الذي آمنوا به رسول من الله أرسله بالهدى ودين الحق ، وبشر به عيسى بن مريم عليهالسلام بني إسرائيل.
فعلى المؤمنين أن يشدوا العزم على طاعته وامتثال ما يأمرهم به من الجهاد ونصرة الله في دينه حتى يسعدهم الله في آخرتهم وينصرهم ويفتح لهم في دنياهم ويؤيدهم على أعدائهم.
وعليهم أن لا يقولوا ما لا يفعلون ولا ينكصوا فيما يعدون فإن ذلك يستوجب مقتا من الله تعالى وإيذاء الرسول وفيه خطر أن يزيغ الله قلوبهم كما فعل بقوم موسى عليهالسلام لما آذوه وهم يعلمون أنه رسول الله إليهم والله لا يهدي القوم الظالمين.
والسورة مدنية بشهادة سياق آياتها.
قوله تعالى : « سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » تقدم تفسيره ، وافتتاح الكلام بالتسبيح لما فيها من توبيخ المؤمنين بقولهم ما لا يفعلون وإنذارهم بمقت الله وإزاغته قلوب الفاسقين.
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ » « لِمَ » مخفف لما ، و « ما » استفهامية ، واللام للتعليل ، والكلام مسوق للتوبيخ ففيه توبيخ المؤمنين على قولهم ما لا يفعلون ولا يصغي إلى قول بعض المفسرين : أن المراد بالذين آمنوا هم المنافقون والتوبيخ لهم دون المؤمنين لجلالة قدرهم.
وذلك لوفور الآيات المتضمنة لتوبيخهم ومعاتبتهم وخاصة في الآيات النازلة في الغزوات وما يلحق بها كأحد والأحزاب وحنين وصلح الحديبية وتبوك والإنفاق في سبيل الله وغير ذلك ، والصالحون من هؤلاء المؤمنين إنما صلحوا نفسا وجلوا قدرا بالتربية الإلهية التي تتضمنها أمثال هذه التوبيخات والعتابات المتوجهة إليهم تدريجا ولم يتصفوا بذلك من عند أنفسهم.
ومورد التوبيخ وإن كان بحسب ظاهر لفظ الآية مطلق تخلف الفعل عن القول وخلف