سيوف مسلطة فوق رءوسهم يوم الفتح وكيف يمكن مع ذلك القضاء بأنه حدث في قلوبهم والظرف هذا الظرف نور الإيمان وفي نفوسهم الإخلاص واليقين فآمنوا بالله طوعا عن آخرهم ولم يدب فيهم دبيب النفاق أصلا.
وأما ثانيا : فلأن استمرار النفاق إلى قرب رحلة النبي صلىاللهعليهوآله وانقطاعه عند ذلك ممنوع نعم انقطع الخبر عن المنافقين بالرحلة وانعقاد الخلافة وانمحى أثرهم فلم يظهر منهم ما كان يظهر من الآثار المضادة والمكائد والدسائس المشئومة.
فهل كان ذلك لأن المنافقين وفقوا للإسلام وأخلصوا الإيمان عن آخرهم برحلة النبي صلىاللهعليهوآله وتأثرت قلوبهم من موته ما لم يتأثر بحياته؟ أو أنهم صالحوا أولياء الحكومة الإسلامية على ترك المزاحمة بأن يسمح لهم ما فيه أمنيتهم مصالحة سرية بعد الرحلة أو قبلها؟ أو أنه وقع هناك تصالح اتفاقي بينهم وبين المسلمين فوردوا جميعا في مشرعة سواء فارتفع التصاك والتصادم.؟
ولعل التدبر الكافي في حوادث آخر عهد النبي صلىاللهعليهوآله والفتن الواقعة بعد رحلته يهدي إلى الحصول على جواب شاف لهذه الأسئلة.
والذي أوردناه في هذا الفصل إشارة إجمالية إلى سبيل البحث.
* * *
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١).