الإنفاق من العمر ـ ليسهل إجابته ، ولأن الأجل أيا ما كان فهو قريب ، ومن كلامه صلىاللهعليهوآله : كل ما هو آت قريب.
وقوله : « فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ » نصب « فَأَصَّدَّقَ » لكونه في جواب التمني ، وجزم « أَكُنْ » لكونه في معنى جزاء الشرط ، والتقدير إن أتصدق أكن من الصالحين.
قوله تعالى : « وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها » إياس لهم من استجابة دعاء من يسأل تأخير الأجل بعد حلوله والموت بعد نزوله وظهور آيات الآخرة ، وقد تكرر في كلامه تعالى أن الأجل المسمى من مصاديق القضاء المحتوم كقوله : « إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ » يونس : ٤٩.
وقوله : « وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ » حال من ضمير « أَحَدَكُمُ » أو عطف على أول الكلام ويفيد فائدة التعليل ، والمعنى : لا تتلهوا وأنفقوا فإن الله عليم بأعمالكم يجازيكم بها.
( بحث روائي )
في الفقيه : وسئل عن قول الله تعالى : « فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ » قال : « فَأَصَّدَّقَ » من الصدقة ، و « أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ » أحج.
أقول : الظاهر أن ذيل الحديث من قبيل الإشارة إلى بعض المصاديق.
وفي المجمع ، عن ابن عباس قال : ما من أحد يموت وكان له مال فلم يؤد زكاته ـ وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت.
قالوا : يا ابن عباس اتق الله ـ فإنما نرى هذا الكافر يسأل الرجعة ـ فقال : أنا أقرأ به عليكم قرآنا ثم قرأ هذه الآية ـ يعني قوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ ـ إلى قوله ـ مِنَ الصَّالِحِينَ » قال : الصلاح هنا الحج ، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام.
أقول : ورواه في الدر المنثور ، عن عدة من أرباب الجوامع عن ابن عباس.
وفي تفسير القمي ، بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله : « وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها » قال : إن عند الله كتبا موقوفة يقدم منها ما يشاء ـ ويؤخر ما يشاء ـ فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها ـ كل شيء يكون إلى مثلها ـ فذلك قوله : « وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها » إذا نزله الله وكتبه كتاب السماوات ـ وهو الذي لا يؤخر.