وقيل : الفاعل المحذوف للازدجار هو القوم ، والمعنى : وازدجره القوم عن الدعوة والتبليغ بأنواع الإيذاء والتخويف ، ولعل المعنى الأول أظهر.
قوله تعالى : « فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ » الانتصار الانتقام ، وقوله : « أَنِّي مَغْلُوبٌ » أي بالقهر والتحكم دون الحجة ، وهذا الدعاء تلخيص لتفصيل دعائه ، وتفصيل دعائه مذكور في سورة نوح وتفصيل حججه في سورة هود وغيرها.
قوله تعالى : « فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ » قال في المجمع : الهمر صب الدمع والماء بشدة ، والانهمار الانصباب ، انتهى. وفتح أبواب السماء وهي الجو بماء منصب استعارة تمثيلية عن شدة انصباب الماء وجريان المطر متواليا كأنه مدخر وراء باب مسدود يمنع عن انصبابه ففتح الباب فانصب أشد ما يكون.
قوله تعالى : « وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ » قال في المجمع : التفجير تشقيق الأرض عن الماء ، والعيون جمع عين الماء وهو ما يفور من الأرض مستديرا كاستدارة عين الحيوان. انتهى.
والمعنى : جعلنا الأرض عيونا منفجرة عن الماء تجري جريانا متوافقا متتابعا.
وقوله : « فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ » أي فالتقى الماءان ماء السماء وماء الأرض مستقرا على أمر قدره الله تعالى أي حسب ما قدر من غير نقيصة ولا زيادة ولا عجل ولا مهل.
فالماء اسم جنس أريد به ماء السماء وماء الأرض ولذلك لم يثن ، والمراد بأمر قد قدر الصفة التي قدرها الله لهذا الطوفان.
قوله تعالى : « وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ » المراد بذات الألواح والدسر السفينة ، والألواح جمع لوح وهو الخشبة التي يركب بعضها على بعض في السفينة ، والدسر جمع دسار ودسر وهو المسمار الذي تشد بها الألواح في السفينة ، وقيل فيه معان أخر لا تلائم الآية تلك الملاءمة.
قوله تعالى : « تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ » أي تجري السفينة على الماء المحيط بالأرض بأنواع من مراقبتنا وحفظنا وحراستنا ، وقيل : المراد تجري بأعين أوليائنا ومن وكلناه بها من الملائكة.
وقوله : « جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ » أي جريان السفينة كذلك وفيه نجاة من فيها من الهلاك ليكون جزاء لمن كان كفر به وهو نوح عليهالسلام كفر به وبدعوته قومه ، فالآية في معنى